دخل اليسار الفرنسي، الذي يتسبب دوما في توتر العلاقات الجزائرية الفرنسية بمجرد وصوله إلى الحكم، والذي عرف عنه مواقف مناوئة للجزائر خاصة خلال تسعينيات القرن الماضي، على خط أخر يتمثل في وضع الجالية المسلمة في فرنسا، ويمارس هذا اليسار حسب بعض المصادر ضغوطا على الحكومة الفرنسية من أجل إقالة 120 إمام جزائري ، وينسب إلى هذا التيار السياسي أيضا ميله إلى تعيين رجال دين مغاربة على حساب نظرائهم الجزائريين. كشف الموقع الاليكتروني المغربي » هسبريس« أن اليسار الفرنسي يمارس ضغطا كبيرا على الحكومة الفرنسية من أجل إقالة 120 إماما جزائريا بفرنسا وتعويضهم بالأئمة المغاربة، ونقل نفس المصدر عن المنتمين إلى هذا التيار السياسي قولهم أن الأئمة المغاربة هم أكثر اعتدالا من نظرائهم الجزائريين. المصادر المغربية التي أوردت الخبر أكدت بأن عميد مسجد باريس دليل أبو بكر وهو جزائري ، معني هو الأخر بالقائمة التي تم إعدادها للأئمة الذين يطالب اليسار بعزلهم من مناصبهم في فرنسا، ودليل المغاربة في ذلك أن دليل أبو بكر كان قد أدلى في الآونة الأخيرة بتصريحات حول الديانة الإسلامية واليهودية والعدوان الإسرائيلي على غزة أثارت الكثير من الاحتجاجات في أغلب الأوساط بفرنسا ومنظمات حكومية. ويحاول المغرب الاستفادة من بعض المناضلين في اليسار الفرنسي لتغليب الكفة لصالحه ووضع أكبر عدد من الأئمة في مناصبهم بمختلف مساجد فرنسا وهي معركة متواصلة منذ سنين بين الجزائر والمغرب، بل إن هم الرباط الأول والأخير هو الاستحواذ على مسجد باريس باعتباره عنوان للتمثيل بالنسبة لمسلمي فرنسا، مع أن الجالية الجزائرية في فرنسا تمثل الأغلبية وتتجاوز بكثير الجالية المغربية التي تأتي في المرتبة الثانية من الناحية العددية. وتواصل الحكومة الفرنسية حملتها التي بدأتها منذ وصول نيكولا ساركوزي إلى قصر الاليزي من خلال إبعاد كل إمام تفسر تحركاته وخطبه على أنها دعوة للتطرف وتتنافى مع المبادئ الأساسية للجمهورية الفرنسية، وكانت باريس قد أبعدت في منتصف جانفي الماضي إمام مسجد مصري وصفته بأنه متطرف، واتهمته بتحريض المصلين على معاداة الغرب، وجاء في بيان أصدره وزير الداخلية الفرنسي، بريس اورتوفو، أن المصري علي إبراهيم السوداني، الذي وصفه بالشخص الخطير، اعتقل وأبعد إلى مصر بموجب أمر إبعاد طارئ، وأضاف أن أجهزة الاستخبارات السرية رصدت هذا الشخص »الخطير« الذي دأب خلال الأشهر الماضية على إلقاء خطب تدعو إلى القتال ضد الغرب في العديد من المساجد في منطقة سين سان دوني، علما أن الإمام السوداني رجل الدين الإسلامي التاسع والعشرين الذي يتم إبعاده من فرنسا منذ 2001، حسب أرقام وزارة الداخلية الفرنسية، وأضافت الوزارة أن العدد الإجمالي للمتطرفين الإسلاميين المبعدين من فرنسا بلغ 129 شخصا، من دون تحديد أصولهم، وجنسياتهم، وما هي نسبة الجزائريين من مجموع عدد المبعدين. وتستعمل باريس، على غرار العديد من الدول الغربية كالولايات المتحدةالأمريكية، هاجس الإرهاب كأداة لإبعاد الأئمة من مناصبهم، وتحولت تهمة معاداة الغرب والتحريض ضده، إلى وسيلة لتصفية الحسابات مع رجال الدين المسلمين غير المرغوب فيهم، وهذا منذ هجمات 11 سبتمبر 2001، ويأتي ذلك بشكل متزامن مع تصاعد حمالات الكراهية ضد المسلمين في عدد من البلدان الغربية خاصة فرنسا، ومؤخرا كشف استطلاع للرأي عن تزايد النظرة المتخوفة من الإسلام في فرنسا ، وذلك بعد أيام قليلة من الاستفتاء السويسري الذي رجح كفة حظر بناء مآذن المساجد الجديدة هناك، وأعرب حوالي 42% من الفرنسيين المشاركين في الاستطلاع عن رفضهم لبناء مساجد جديدة.