وزير الشؤون الدينية لا يخفي انزعاجه من أسقف الجزائر غالب بدر، وهو ينصحه بأن يستفيد من معرفة سلفه هنري تيسيي بالجزائريين، وقد تكون هذه المرة الأولى التي تجد فيه السلطات الجزائرية نفسها في مواجهة الكنيسة الكاثوليكية منذ الاستقلال، فحتى إن كان تيسيي لم يبد إعجابا كبيرا بقانون تنظيم ممارسة الشعائر غير الإسلامية الصادر سنة 2006، فإنه عرف كيف يسير علاقته مع الجزائر وتحاشى الصدام، بل ذهب أبعد من هذا عندما قال إن المسيحيين مثل غيرهم ملزمون باحترام قوانين البلد. الوضع مع الأسقف الجديد يبدو مختلفا، والغريب في الأمر هو أن الأسقف الجديد عربي أردني، وكانت السلطات ووسائل الإعلام قد استبشرت خيرا بتعيينه عندما كان جدل التنصير محتدما، لكن يبدو أن السلطات تحن إلى أيام تيسيي وأستاذه دوفال، والأمر لا علاقة له العلاقات الشخصية ولا بالعقائد الدينية، فموقف الكنيسة الكاثوليكية له وزنه السياسي المؤثر، وسلوك الأسقف قد يجرنا إلى متاعب نحن في غنى عنها في هذه الفترة. قبل أيام كان مواطنون قد أقدموا على تخريب مكان كانت مجموعة مسيحية تقيم فيه طقوسا دينية، وحسب المعلومات الرسمية فإن ذلك المكان لم يكن مرخصا بشكل قانوني لإقامة الشعائر الدينية فيه، أي أنه ليس كنيسة، واليوم يقول الوزير إنه ضد هدم أماكن العبادة من حيث المبدأ، ويدعو المواطنين إلى الكف عن بناء أماكن للعبادة خارج إطار القانون، والسؤال الكبير الذي يطرح اليوم هو كيف استطاع هؤلاء أن يقيموا مكانا للعبادة دون ترخيص قانوني ونحن نطبق قانون تنظيم الشعائر الدينية منذ سنة 2006؟. المؤكد أننا أمام خلل كبير، فالقوانين لا توضع للزينة بل للتطبيق، وهذا القانون بالذات أثار مشاكل كبيرة في الخارج، وهو يعرضنا لمزيد من الابتزاز، وإذا كنا قد قاومنا كل هذا الضغط والابتزاز فعلينا أن نطبق القانون بصرامة، ولو فعلنا هذا لما وجدنا أنفسنا أمام مواجهة بين مواطنين بسبب قيام بعضهم بتطبيق القانون نيابة عن الدولة. القوانين ليست مجرد صخب إعلامي واستثمار سياسي، إنها الضامن الوحيد لبقاء الدولة، وعدم تطبيقها يؤدي بنا إلى الفوضى، وإلى فقدان الاحترام في الداخل والخارج.