عبر وزير الخارجية الفرنسية برنارد كوشنير عن رغبته في القيام بزيارة رسمية ومستعجلة إلى الجزائر في مارس المقبل وذلك في رسالة بعث بها بداية فيفري الجاري إلى نظيره الجزائري مراد مدلسي بهدف احتواء الأزمة السياسية التي عرفتها العلاقات الجزائرية الفرنسية في الفترة الأخيرة جراء بعض الأحداث والتطورات لا سيما فيما يتعلق بالإجراءات الأخيرة التي اتخذتها فرنسا ضد المسافرين الجزائريين، علما بأن فرنسا قد أجلت زيارة كوشنير التي كانت مقررة في شهر جانفي الفارط لأسباب تبقى مجهولة لحد الساعة. سارعت الصحف الفرنسية إلى نقل مضمون الرسالة التي وجهها برنارد كوشنير إلى نظيره الجزائري والتي تعبر عن رغبة ملحة في زيارة وزير الخارجية الفرنسية للجزائر، خاصة مع التطورات الأخيرة التي ميزت العلاقات الثنائية بين البلدين، الجزائر ولحد الساعة لم ترد على الطلب الفرنسي، في وقت كان قد صرح فيه مراد مدلسي ليومية »لوموند« الفرنسية أن »أي زيارة من هذا القبيل لا يمكن أن تقاس إلا بالنتائج المرجوة منها«. وتضمن مقال نشر على صفحات اليومية الفرنسية »لوموند« مجموعة من الانتقادات التي توحي بأن الجزائر هي السبب الرئيسي في توتر العلاقات بينها وبين فرنسا، بالرغم من أنها تعتبر رسالة كوشنير الموجهة إلى مراد مدلسي بادرة خير تشير إلى انتهاء الأزمة السياسية التي أثارت زوبعة بباريس. ويستند صاحب المقال إلى تصريحات مدلسي القائل أن هناك ملفات مؤلمة بين البلدين، ليؤكد انه بالفعل لا تزال ملفات عالقة بين الجزائروفرنسا وفي مقدمتها أسرار وخبايا مقتل رهبان تبحرين سنة 1996، قضية الدبلوماسي الجزائري حساني المتواجد بفرنسا والذي تم توقيفه سنة 2008 بتهمة قتل المحامي علي مسيلي سنة 1987، المتواجد تحت الرقابة القضائية، بالإضافة إلى قرارات وزير الداخلية »أورتوفو« الأخيرة التي تخص المسافرين الجزائريين بإجراءات تفتيش استثنائية على غرار ستة دول أخرى تظهر في قائمة الدول الخطيرة التي صنفتها فرنسا. ويشار إلى أن تصريحات المسؤولين الجزائريين كانت قد أثارت حفيظة الساسة الفرنسيين الذين عبروا عن رفضهم للمواقف الجزائرية واعتبروا أن السياسة الراهنة تستهدف المسؤولين الفرنسيين وتسعى إلى تهميشهم، ويبقى أن الأوساط السياسية في فرنسا أثارت في الأيام الأخيرة جدلا كبيرا حول مقترح القانون الذي تقد به نواب جزائريون بهدف تجريم الاستعمار الفرنسي، حيث عبر النواب الفرنسيون عن استيائهم لمثل هذه المبادرات ودعوا السلطات الفرنسية إلى التحرك للضغط على الجزائر قصد إلغاء هذا المقترح. وبين هذا المد والجزر القائم في كنف العلاقات الثنائية بين الجزائروفرنسا تبقى الحلقة الأساسية والجوهرية في ملف العلاقات مرتبطة بمعاهدة الصداقة التي ترفض الجزائر التوقيع عليها، وتشترط اعتراف فرنسا بجرائمها المرتكبة خلال الفترة الاستعمارية وتقديم تعويضات والاعتذار من الشعب الجزائري، فيما يبقى الموقف الفرنسي متعنتا خاصة بعد سن قانون تمجيد الاستعمار ي في 23 فيفري 2005، ناهيك عن تصريحات ساركوزي وعدد من طاقم حكومته وعلى رأسهم كوشنير التي تسعى إلى تجريد فرنسا الحالية من مسؤوليتها التاريخية في الجزائر.