إذا كان أبناء المسؤولين يدرسون في المدرسة الفرنسية »ألكسندر دوما« في بن عكنون، وربما في باريس أو عواصم أوروبية أخرى، فلماذا تنزعج الحكومة من إضراب المعلمين مادام أبناء الشعب الغلابى هم وحدهم المتضررون.؟ بدأ المعلمون أمس إضرابهم لمدة أسبوع قابل للتجديد، وسوف يلتحق بهم آخرون يوم الأربعاء القادم في إضراب آخر لمدة أسبوع قابل للتجديد أيضا، السبب أن الوزارة لم تف بوعودها في ما يخص التعويضات والعلاوات. وعشية الإضراب بعث وزير القطاع أبو بكر بن بوزيد رسالة ل »أصدقائه« المعلمين، يقول لهم فيها أن إضرابهم لا مبرر له، لأن الحكومة تكفلت بمطالبهم وانشغالاتهم، وأن ملف التعويض يوجد على طاولة الحكومة. المعلمون، عن طريق نقاباتهم، لم يصدقوا وعود وزيرهم، ونشروا معلومات أخرى مفادها أن طاولة الحكومة لا يوجد فوقها أي ملف يخص المعلمين، لا التعويضات ولا العلاوات، وتمسكوا بالإضراب. وعندما بدأ الإضراب، نشرت الصحافة الجزائرية خبرا من وزارة أبو بكر بن بوزيد، يقول فيه الوزير أن التعويضات سيتم تطبيقها اعتبارا من الفاتح مارس القادم. وردت عليه نقابات القطاع أن الوزير عود المعلمين على عدم الوفاء بالتزاماته، بدليل أنه قال أن ملف المعلمين يوجد على طاولة الحكومة ثم اتضح العكس، وأصروا على مواصلة الإضراب لمدة أسبوع ، قبل أن يمددوه لأسبوع آخر. ماذا يعني هذا؟ يعني أن الدولة لم تهتم بجدية بمشاغل وانشغالات قطاع التربية والتعليم، ليس فقط على مستوى التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي، لذلك تظل هذه الفئة أكثر الفئات إضرابا ضمن قطاعات النشاط الأخرى، مما يدل بوضوح أن عمال التعليم بكل مستوياته يعيشون ظروفا اجتماعية مزرية »مذلة ومهينة ومخزية« ومن العار مواصلة »مراوغتهم«. حتى ممارسي الصحة العمومية الذين دخل إضرابهم شهره الثالث، يعدون ضمن فئة الجامعيين، أي المعلمين بلغة المسؤولين الجزائريين. وإلى حد اليوم لم تحل مشاكلهم ولا انشغالاتهم. لو كانت المراوغة تجد نفعا لكانت مدارسنا وجامعاتنا في مصاف أكثر الجامعات تقدما في العالم. وعندما يتهم عمال التربية الوزير الذي هو ممثل الدولة في قطاعه، بأنه كذاب، وأن الحكومة لا تف بوعودها، فهذا يؤشر إلى انعدام الثقة، بين الوزير وشركائه في القطاع. وهي أزمة أخرى تضاف إلى أزمات التعليم المعقدة والمؤجلة. في حدود الرابعة والنصف مساء أمس، وصل إلى قاعات التحرير فاكس من وزارة التربية، يقول أن نسبة إضراب المعلمين على المستوى الوطني يقدر ب 2.45 بالمئة. وقد فهم بعض المحللين أن الوزارة تفتخر لكون الإضراب لم يلق استجابة كبيرة. بينما الأصل أن إضراب معلم واحد فقط يجب أن تقوم من أجله القيامة. لكن إذا كان أبناء المسؤولين يدرسون في المدرسة الفرنسية »ألكسندر دوما« في بن عكنون، وربما في فرنسا أو دول أوروبية أخرى، فإن أبناء الشعب الغلابى هم وحدهم المتضررون، ولذلك لم يجد المعلمون من يستجيب لهم، لأن الدولة تبدو غير معنية بكل أسف.