وزير الخارجية تحدث لجريدة لوموند عن العلاقات الجزائرية الفرنسية وكان جريئا بعض الشيء، وجرأته نجدها في المقال الذي نشره مبعوث الصحيفة إلى الجزائر استنادا إلى تصريحات الوزير، لكن الخارجية سارعت إلى نشر برقية عبر وكالة الأنباء الجزائرية، أعادت بثها وسائل الإعلام العمومية، نجد فيها التصريحات أكثر هدوء، ونجد فيها أيضا التحفظ المعهود عن الوزير. في لوموند يؤكد الوزير أن زيارة فرنسا ليست في برنامج الرئيس بوتفليقة حاليا، ويلمح إلى إمكانية اللجوء إلى أوراق أخرى للضغط على فرنسا حتى تسقط اسم الجزائر من قائمة الدول الخطيرة، ويؤكد أيضا المعلومات التي تحدثت عن رفض الجزائر استقبال مسؤولين فرنسيين خلال الأسابيع الماضية، ولا نجد أثرا لهذه القضايا في الرواية التي نقلتها وكالة الأنباء الجزائرية، حيث يمكن أن نلاحظ التركيز على حرص الرئيس على الاستثمار خارج قطاع المحروقات، وقضايا أخرى مثل التاريخ والصحراء الغربية والوضع في الساحل والصحراء. من حق صحفي لوموند أن ينشر من كلام الوزير ما يراه مهما لمقاله، ومن الطبيعي أنه يحتفظ بأجزاء من الحوار لمقالات لاحقة، أو ربما ضمنها أحد كتبه، لكن الغريب هو أن الرواية التي نشرتها وكالة الأنباء تختلف في المضمون عن بعض التفاصيل التي أوردها الصحافي في مقال لوموند أمس، وكان وزير الخارجية قد اعتمد نفس الطريقة عندما نشرت جريدة الشرق الأوسط بعض تصريحاته وكانت مختلفة تماما عما نشرته وكالة الأنباء، وهذه مشكلة تضع مصداقية الوزير على المحك، لأن المفروض هو أن يصدر تكذيب عن الوزير في حال ما إذا شعر بأن تصريحاته تعرضت للتشويه أو التحريف، أو أن الصحافي نسب إليه كلاما لم يصدر عنه، لكن هذا لم يحدث في الحالتين، سواء مع جريدة الشرق الأوسط التي سألته عن العلاقة مع مصر، أو مع لوموند التي استجوبته حول العلاقة مع فرنسا. هناك كلام يقال للصحافيين الأجانب، الذين يفترض الوزير أنهم مبعوثون لجهات رسمية ينتحلون صفة الصحافي، وهناك الكلام الذي يقال للعامة عبر وكالة الأنباء الجزائرية، وهذه الطريقة ليس فيها شيء من الذكاء أو الدبلوماسية، وهي لا تخدم الموقف الرسمي الذي يجب أن يكون واضحا وصارما خاصة إذا تعلق الأمر بعلاقة معقدة مثل التي تربطنا بفرنسا.