في الوقت الذي تلتقي فيه من جديد نهار اليوم وزارة التربية الوطنية بقيادتي «كناباست» و«إينباف» لاستكمال الحوار الجاري حول ملف الخدمات الاجتماعية، وقطع الطريق على الإضراب المقرر لنهار الغد، تعيش المؤسسات التربوية حالة كبيرة من القلق المتزايد، بسبب اللا إستقرار السائد بالقطاع، ، وفي طليعة الذين يعيشون هذا القلق النفسي الكبير تلاميذ أقسام امتحانات البكالوريا، وشهادة التعليم المتوسط ، الذين تتضاعف مخاوفهم بسبب الإضراب المرتقب لنهار الغد، الذي لم تعلن التراجع عنه حتى الآن نقابتا«كناباست»، و«إينباف»، الداعيتين إليه، وهو الأمر الذي وضع التلاميذ منذ حوالي أسبوعين، في حالة تأهب قصوى للخروج إلى الشارع، وامتلاك زمام المبادرة، قبل استفحال الأمر. تجتمع نهار اليوم وزارة التربية الوطنية بنقابتي الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين(إينباف)، والمجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي والتقني(كناباست)، من أجل استكمال جلسات الحوار والنقاش التي تواصلت على امتداد عدة أسابيع، وبعد أن كان التركيز في اجتماع نهار أول أمس حول ملف طب العمل، وتأجّل البث فيه بصورة نهائية لغاية الأسبوع المقبل، هاهي تخصص هذا الاجتماع لملف الخدمات الاجتماعية، و تسعى بكل ما لها من إرادة من أجل إرضاء النقابتين، وعمال القطاع عموما، وقطع الطريق على الإضراب المقرر الشروع فيه، بداية من يوم غد الأربعاء، ويُرجّح من الآن، وقبل الإعلان عن النتائج المتوصل إليها أن تتمكن وزارة التربية من إنهاء هذا الإضراب، ووارد بقوة أن تحمّل الأساتذة والمعلمين كامل المسؤولية، وتحذرهم من مخاطر تهديد التلاميذ بالخروج إلى الشوارع، وتكون أطلعتهم على ما حصل حتى الآن على مستوى بعض الثانويات بالعاصمة، التي ظهرت بها بوادر الخروج إلى الشارع. وهي حينما تلجأ إلى التركيز مع النقابتين على هذا الجانب، فهي محقة في ذلك، لأن حالة القلق والخوف المهيمنة على المؤسسات التربوية، لم تعد تمس التلاميذ فقط، بل شملت الأولياء أيضا، وقد يجد هؤلاء أنفسهم مضطرين لتزكية «انتفاضات» أبنائهم، في حال ما إذا أبقى عمال التربية على إصرارهم في مواصلة الإضراب، والاحتجاج. هؤلاء الأولياء ساندوا عمال القطاع، وعبروا عن تضامنهم المطلق معهم في تحقيق مطالبهم، التي هي في نظرهم مطالب مبررة ومشروعة، ولكن الأغلبية الساحقة منهم ترفض أن يتكرر الإضراب، على مقربة ثلاثة أيام فقط عن الزيادة المعتبرة، التي أقرتها اللجنة الحكومية الخاصة، وبذلت وزارة التربية جهودا كبيرة من أجل تحقيقها. ومثلما قال البعض من الأولياء الذين تقربت منهم «صوت الأحرار» فإن الزيادة المعلن عنها في أجور عمال القطاع قد أسقطت كل مبررات التمسك بخيار الإضراب، وعلى الأساتذة والمعلمين، الذين هم آباء وأمهات مثلنا، أن يفكروا جيدا في المضار التي ستلحق بأبنائنا وأبنائهم في حال عدم عدولهم عن قرار الإضراب، زد على هذا مثلما قال آخرون أن المطالب العمالية والنقابية في جميع أنحاء العالم لا تُلبّي كلها دفعة واحدة بالمطلق، بل على مراحل، وهذا هو الحال بالنسبة لعمال التربية، فما زيد لهم في الأجور، هو زيادة محترمة، وما لُبيّ لهم على مستوى طب العمل والخدمات الاجتماعية هو أمر مهم جدا، ولم يسبق لهم أن حقوا مثله من قبل، ضف إلى هذا مثلما قال وليّ آخر، أن النقابات في العالم كله تطالب بالحد الأقصى، وقد لا يُلبى لها ممّا تطالب به إلا الحد الأدنى، ومع هذا تقبل بالانفراج والكفّ عن الاحتجاج والإضراب، وهي بهذا السلوك تعمل بالمبدأ النقابي المتعارف عليه، القائل «خُذ وطالب» ، أكثر من هذا أن الجميع، وبمن فيهم عمال التربية أنفسهم يقرون أن الزيادة المقررة التي تجاوزت في المستوى الأول حدود ال 11 ألف دينار، هي زيادة فريدة من نوعها في تاريخ القطاع، حتى وإن كانت ليست كافية لرفع الظلم الاجتماعي العام المسلط على العامل بالقطاع، وعلى المواطن الجزائري عموما. وبالنظر إلى ما تحصل عليه عمال التربية في أجورهم، وما هو جار النقاش حوله، على مستوى ملفي طب العمل والخدمات الاجتماعية، فإن الجميع، بمن فيهم الكثير من عمال التربية، يرون في أنه من العدل والقناعة والإنصاف أن تُراعى في هذه الفترة الزمنية بالذات من السنة الدراسية، المصلحة العليا للتلاميذ، ولاسيما منهم التلاميذ المقبلين على امتحانات البكالوريا، وشهادة التعليم الغالي، ويتم ذلك بإقرار العدول عن الإضراب ، وتمكين التلاميذ من إكمال مشوارهم الدراسي المتبقي من هذه السنة في هدوء واستقرار.