انطلق صباح أمس إضراب عمال التربية، في الوقت الذي قد تعود فيه وزارة التربية الوطنية من جديد لمواصلة الحوار والنقاش مع ممثلي نقاباتي الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، والمجلس الوطني لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، بشأن المنح والتعويضات، الخدمات الاجتماعية، وطب العمل، وهو الإضراب الذي رفع بالفعل هذه المرة من قلق وتخوف التلاميذ والأولياء، ولاسيما منهم تلاميذ أقسام البكالوريا، وشهادة التعليم المتوسط، وأصبح ينذر حتى بخروج التلاميذ بقوة إلى الشوارع، من أجل إنهاء الإضراب المسلط عليهم. أكد أمس ل «صوت الأحرار» الصادق دزيري، رئيس الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين أن نسبة استجابة عمال التربية في اليوم الأول من الإضراب الجاري تراوحت بين 85 و 90 بالمائة، وهي النسبة التي شككت فيها وزارة التربية واعتبرتها نسبة مبالغا فيها بدرجة كبيرة، وقال دزيري أن درجات الاستجابة كانت معتبرة على مستوى كل الولايات، وهي تعني أن عمال التربية مازالوا متمسكين بمطالبهم الثلاثة، وغير مهيئين للتراجع أو التفريط في أي واحد منها. ونشير هنا إلى أن نقابتي «كناباست»، و «إينباف» هما النقابتان الوحيدتان اللتان تؤطران هذا الإضراب، وفي نفس الوقت هما النقابتان الوحيدتان اللتان أولت لهما وزارة التربية الوطنية كامل الاهتمام والرعاية، بحيث فتحت لهما أبواب الحوار المسؤول والجاد، بل واستمعت إلى كامل مقترحاتهما، وأكثر من هذا اعتمدت جزء هاما من مقترحاتهما، وضمنتها في القرارات التي أصدرتها عبر اللجنة الحكومية الخاصة، ونذكر منها الزيادة الجديدة في أجور عمال القطاع، وما هو قيد الصدور لاحقا فيما يخص مطلبي طب العمل، وأموال الخدمات الاجتماعية، وهاتان النقابتان هما النقابتان الوحيدتان اللتان خصصت لهما وزارة التربة الوطنية، دون غيرهما جلسات عمل جادة، عبر ثلاث لجان، وقد حوصلت معهما كافة الاقتراحات، وقدمتها إلى اللجنة الحكومية الخاصة، التي هي بطبيعة الحال عضو أساسي فاعل فيها. والمشكلة هنا حسب نوار العربي والصادق دزيري، بقدر ما تكمن في نظام المنح بالقدر الذي اتفق عليه معها، بقدر ما يكمن أيضا في تأخر الوزارة عن اعتماد ما تم الاتفاق عليه بشأن موضوع الخدمات الاجتماعية، الذي قالا عنه أن قراره جاهز ولا ينقصه سوى أن يوقع عليه وزير التربية، ويُعتمد رسميا، وهذا الوضع يقضي، مثلما قال آخر منشور عن اتحاد عمال التربية والتكوين بإبعاد الخدمات الاجتماعية عن الهيمنة النقابية للاتحاد العام للعمال الجزائريين، وجعلها مؤسسة اجتماعية مستقلة، يكون فيها دور النقابات محصورا في المتابعة والرقابة وتقديم مشاريع سنوية لخدمة عمال القطاع، وبانتخاب اللجان الولائية، واللجنة الوطنية بديمقراطية وشفافية، ويكون فيها التمثيل نسبيا للأسلاك، بغض النظر عن انتمائها النقابي، وهذا هو عين ما تطالب به نقابة «كناباست» أيضا، هذا إلى جانب ما تم الاتفاق عليه أيضا بخصوص موضوع طب العمل، الذي طالبت فيه النقابتان بتجسيد قوانين الجمهورية، المنظمة لهذا الأمر، وخاصة منها القانون 88 07 و المرسوم التنفيذي 93 120 ، والرجوع لعمل اللجنة الوطنية، التي أعدت مقترحاتها في هذا الشأن، وهذه المقترحات نصت على إنشاء 50 مصلحة لطب العمل، على مستوى مديريات التربية عبر كامل التراب الوطني، مع مراعاة خصوصيات بعض الولايات الكبرى، وانطلاق العمل بالاتفاقيات في انتظار التجسيد العملي للمصالح. ويبدو مما هو متداول عند القيادات النقابية أن مسألة أموال الخدمات الاجتماعية لم يكن من السهل على وزارة التربية البث فيها بما تم الاتفاق عليه مع نقابتي«كناباست» و«إينباف»، والسبب في ذلك أساسا يعود لموقف الاتحاد العام للعمال الجزائريين، الذي يرفض حتى الآن رفضا قاطعا أن تُنتزع منه مهمة تسيير هذه الأموال التي هي بالملايير سنويا، بالرغم من أنه لا يمثل قطاع التربية، بل وقطاع الوظيف العمومي كله لا من قريب ولا من بعيد.