طال الصمت، حتى أصبح جريمة تجاه ما يحدث في قطاع الصحة والتربية. التربية والصحة، قطاعان رئيسيان في حياة الدولة والمجتمع يغليان ، وهما متوقفان عن العطاء تماما، والمجتمع يدفع الثمن بأشكال مختلفة ومتنوعة. وليس هناك تحرك من الدولة في مستوى إضراب القطاعين، الوعود الصادرة من الوصاية سقطت في الماء، الإجراءات التي اتخذتها وزارة التربية ألهبت القطاع أكثر فأكثر، وارتفع الإضراب من نحو 4 بالمئة قبل إجراءات الوزارة إلى أزيد من 85 بالمئة بعدها. المضربون يتحدثون عن عدم صدقية الوزارات الوصية، وبدأت »الإشاعات« عن عزم الوزارات المعنية وخاصة وزارة التربية على اللجوء إلى العدالة لإلغاء الإضراب، والصحافة بدأت تتساءل عن صمت الرئيس بوتفليقة باعتباره الملجأ الأخير، وباعتبار أنه لا يجب أن تتحول العدالة إلى رجال مطافئ تلجأ إليها الوزارات في كل مرة لتوقيف الإضرابات. أولياء التلاميذ لم يستصيغوا مواصلة الإضراب لأنهم يعتقدون أن الأساتذة تحصلوا على زيادات في الرواتب، ويرفضون أن يذهب أبنائهم ضحايا، ونقابات التربية والتعليم تؤكد أن الوزارة راوغت الجميع وكذبت على الرأي العام وأن الزيادات الحقيقية ليست في مستوى الطموحات ولا صعوبات الحياة ولا في مستوى رسالة المعلم والأستاذ. التلاميذ حاليا في بيوتهم، خلقوا »أزمة« جديدة لعائلاتهم، فهم لم يبرمجوا أنفسهم لمثل هذا الإضراب، ولم يعرفوا كيف يتصرفون خاصة العائلات التي يعمل فيها الأب والأم. إنهم برمجوا عطلهم حسب عطل التلاميذ، ولكن اليوم هناك حديث آخر عن إلغاء العطلة الربيعية. والغريب أن الحديث عن إلغاء العطلة جاء قبل التوصل إلى حل المشاكل العالقة في قطاع التربية. الإضرابات ليست بدعة في الجزائر، كل الدول شهدت إضطرابات في قطاع الصحة والتربية والتعليم كفرنسا مثلا. لكن في فرنسا قام الرئيس السابق جاك شيراك باستقبال ممثلي تلاميذ الثانويات المضربين، وتفهمت الدولة الفرنسية وتم إدخال بعض الإصلاحات. والرئيس الفرنسي الحالي نيكولا ساركوزي تنقل بنفسه للمضربين في قطاع الصحة، وتم التوصل إلى بعض الحول. في الجزائر طال الصمت، وإذا صحت سابقا الحكمة القائلة: »إذا كان الكلام من فضة، فالسكوت من ذهب«، فإنها لم تعد صالحة أصلا اليوم، لم يعد السكوت من ذهب، أصبح الساكت على الحق، واللامبالاة تجاه ما يحدث في قطاع التربية والصحة، في تعداد »الجريمة« التي يدفع ثمنها التلاميذ يوميا، والمعلمون يوميا، والمرضى يوميا والأطباء يوميا. لم يعد السكوت من ذهب، لم يعد من ذهب، لم يعد من ذهب.. أصبح جريمة.. جريمة .. جريمة..