»إن أمين عام الجامعة العربية سيظل مصريا..« هكذا قال وزير خارجية مصر أبو الغيط، وجاء هذا الموقف ردا جديدا على الدول العربية التي ترغب في »تدوير« منصب أمين عام جامعة الدول العربية، منها الجزائر التي دعت لذلك في قمة الإصلاح المنعقدة بالجزائر عام 2005. وبذلك تؤكد مصر ما ذهبت إليه الجزائر عام 2005 من أن جامعة الدول العربية هي ملحقة بوزارة الخارجية المصرية، وبالتالي فهي في خدمة مصر سياسيا وليس الدول الأعضاء. ويمكن أن نقرأ الموقف المصري الجديد على أنه تطاول على مجموع الدول العربية، وكأنه »يقلل« من قيمة تلك الدول أو يعتبرها، مثلما قالت الصحافة المصرية في وقت سابق على خلفية الأزمة الرياضية بين الجزائر ومصر، من أن »مصر هي الواحد والباقي كلهم أصفار«. وفي الوقت ذاته جاء الموقف المصري »تحديا« للدول العربية التي ترغب في تدوير منصب الأمانة العامة رغم أن هذه الرغبة لم يتم التعبير عنها من طرف أي دولة عربية منذ قمة الجزائر عام 2005. وتصريح أبو الغيط جاء عشية القمة العربية المقررة في طرابلس الليبية يومي 27 و28 مارس القادم، لذلك يمكن القول أن تصريحه جاء ليشوش على ليبيا ويضع »أجندة مصرية« للقمة بإبعاد أي فكرة محتملة حول تدوير منصب الأمين العام. دون شك، هناك عدة دول عربية مؤيدة للطرح المصري، وهناك دول أخرى مؤيدة لفكرة تدوير منصب الأمين العام. ومن الناحية الأخلاقية أن تقبل مصر بطرح الموضوع على القمة العربية، وأن تستجيب في نهاية المطاف لقرار القادة. لكن بهذه الطريقة، بينت مصر أنها تسيّر جامعة الدول العربية مثلما تسيّر وزارة الداخلية المصرية الشأن الداخلي في مصر. وهذه الوضعية حتى إن قبل بها الجيل السابق من القادة العرب، فليس مستبعدا أن يولد جيل جديد من القادة يقول للقاهرة عكس ما قال أبو الغيط »إن منصب أمين العام الجامعة العربية لن يكون مصريا«..وإذا كان ذلك سببا في »هدم« الجامعة العربية الحالية وإعادة بناء تنظيم عربي جديد على أسس صحيحة فليكن..ألم يتخل العالم عن »عصبة الأمم« وينشئ »الأممالمتحدة« ؟ أو لا يدعو العالم اليوم إلى إصلاح الأممالمتحدة بما يجعلها أكثر كفاءة وديمقراطية؟ هل تشكل جامعة العرب التعيسة الاستثناء الوحيد في العالم؟.