روبرت موغابي بعد قرابة ثلاثين سنة قضاها في الحكم يخوض الانتخابات مجددا ويتعهد بأنه سيكون الرئيس المقبل لزمبابوي حتى قبل أن تجري هذه الدورة الثانية، وفي تصور موغابي فإنه الوحيد المؤهل لحكم البلد حتى وإن كان عمره 84 سنة لأن الآخرين الذين يعارضونه "خونة" كما يصفهم ويعملون لحساب القوة الاستعمارية التي تريد أن تهيمن على البلد من جديد. قد يكون موغابي محقا في بعض تصوراته عن الهيمنة الأمريكية والبريطانية ورغبة الرجل الأبيض في السيطرة مجددا على زمبابوي، لكن هل روبرت موغابي هو الرجل الوحيد الذي يستطيع الدفاع عن هذه البلاد وشعبها في وجه القوة الاستعمارية؟ إذا كانت زمبابوي لا تملك إلا موغابي فهي دولة غير جديرة بالبقاء، وإذا لم يكن هناك من أبناء زمبابوي من هو مستعد للدفاع عن حرية شعبه واستقلال بلده فهذا الشعب سيكون أهلا للاستعباد. مهما تكن جاذبية الخطاب السياسي الذي يتبناه موغابي فإنه يحمل كثيرا من المبالغات ويتجاوز حقائق الواقع التي تتجلى في هذه المصاعب الاقتصادية والفشل في التسيير الذي انعكس سلبا على مستوى المعيشة وعلى القدرة الشرائية التي دمرتها معدلات تضخم قياسية، وما يقوله موغابي هو محاولة لتبرير رغبة جامحة في البقاء في السلطة إلى الأبد، لأن الذي قضى قرابة نصف عمره في الحكم لا يتصور نفسه يعمل شيئا آخر غير قيادة البلد. إن دولا مثل الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا تسلم القيادة الآن لجيل جديد وترفع رؤساء ووزراء أعماره لا تزيد عن الخمسين رغم أنها مجتمعات هرمة، لكن مجتمعات شابة في الجنوب سلمت أمرها لجيل من الشيوخ يسيرون بدولهم إلى ديار العجزة رغم كل ما تملكه هذه الدولة من مقدرات القوة وأسباب الازدهار.