اتفق برلمانيون وسياسيون وخبراء اقتصاد على أن الهدف المنوط التحقيق للنهوض بالقطاع الفلاحي في المرحلة المقبلة، لن يتجلى إلا بإرساء إستراتيجية وطنية جدّية بالتنسيق مع كل القطاعات وقابلة للمتابعة، تمكّن الجزائر من تحقيق أمنها الغذائي وتدارك العجز الذي بات يتضاعف في ظل المنافسة الشديدة في السوق الدولية، وانتعاش الكثير من الأسواق الصاعدة، فيما تم الإجماع على تشكيل مرصد وطني للأمن الغذائي يضم كل القطاعات. أكد رشيد بن عيسى وزير الفلاحة والتنمية الريفية أثناء مداخلته في أشغال اليوم البرلماني تحت عنوان »نحو إستراتيجية وطنية لتحقيق الأمن الغذائي« أمس، أن الجزائر أمام تحديات عديدة لتحديد مكامن الخلل التي تحول دون النهوض بالقطاع الفلاحي كما ينبغي، مضيفا أن الوصول إلى حلول ناجعة ودائمة لتحقيق الأهداف المرجوة، يرتكز أساسا على ترقية ومسايرة التقنيات الحديثة، والصناعات الملائمة مع التحولات المناخية وتحسين مستوى الأمن الغذائي انطلاقا من الإنتاج الوطني والعمل على تحسين الميزان التجاري الغذائي وحماية وتثمين المنتجات المعيشية، فضلا عن إرساء تنمية منسجمة ومتوازنة للأقاليم الريفية. وذكر الوزير أن الوفرة الغذائية الكلية في الجزائر تضاعفت ب 8 مرات منذ الاستقلال، بالإضافة إلى أن الوفرة الغذائية للفرد في اليوم ارتفعت من 1758 كيلو كالوري خلال الفترة من 1969/1963 إلى 3600 خلال الفترة الممتدة بين 2000-2009، قبل أن يضيف أن الوفرة الغذائية الكلية في 2009 بلغت قيمتها 26.13 مليار دولار أمريكي، منها 20.73 مليار دولار من الإنتاج الفلاحي الوطني، و5.4 مليار من واردات المواد الفلاحية من بينها أيضا 2.3 مليار بالنسبة للحبوب و 0.86 مليار بالنسبة للحليب. أما وزير الصيد البحري والموارد الصيدية إسماعيل ميمون، فأكد محدودية الإمكانيات الصيدية الوطنية والتي تقدر بحوالي 220.000 طن في السنة، وهي مشكلة من 80 % من الموارد السطحية و20 % من الموارد القاعية، كما لا ترتبط -يقول الوزير- ضعف الثروة السمكية بطول الساحل الجزائري المقدر ب 1200 كلم، حيث برر ذلك بكون طبيعة البحر المتوسط شبه المغلق والخصوصية التضاريسية للهضبة القارية، كلها عوامل ساهمت بطريقة أو بأخرى في وفرة هذه المادة. وأبرز ميمون الجهود المبذولة خلال السنوات العشرة الأخيرة لتنمية قطاع الصيد والتي سمحت حسب قوله بتسجيل نمو في الإنتاج وتنمية الهياكل القاعدية للصيد البحري، ولكن يبقى أن أهداف القطاع لم تتحقق كما ينبغي باعتبار أن الإستراتيجية المسطرة يصل مداها إلى سنة 2025 وهي فترة كافية يقول الوزير لتدارك النقائص، قبل أن يؤكد تحسن الأسطول الصيدي الوطني الذي انتقل من 2552 وحدة سنة 2000 إلى 4532 وحدة سنة 2009 أي بنسبة زيادة تقدر ب 84 بالمائة، كما ارتفع الإنتاج الصيدي بنسبة 45 بالمائة خلال الفترة من 1999 إلى 2009 أي بمعدل نمو سنوي ايجابي في حدود 5 بالمائة، ليكشف الوزير عن تحديد 400 موقعا وطنيا مؤهلا لتربية المائيات بما يحفز على انجاز عدة مشاريع. وفي هذا الإطار، اعتبر رئيس المجلس الشعبي الوطني عبد العزيز زياري في كلمة ألقاها نيابة عنه نائبه المكلف بشؤون التشريع طيفور بن موسى، أن تحقيق الأمن الغذائي قضية محورية لا يجب تركها للمتغيرات أو العوامل الخارجية، مؤكدا أنه بات لزاما على الجزائر التفكير في الحلول الأنجع لتحقيق الوثبة المنشودة في القطاع الفلاحي، باعتبار الأمن الغذائي متوقفا على تنمية زراعية مستدامة. كما دعا رئيس لجنة الفلاحة والصيد البحري وحماية البيئة بالمجلس الشعبي الوطني محمد محمودي إلى تشكيل مرصد وطني للأمن الغذائي يضم كل القطاعات لتحقيق الأهداف المرجوة وهو ما لقي استجابة وسط الحضور، قبل أن يؤكد أن الجهود التي بذلتها الدولة سمحت بانتعاش القطاع الفلاحي وحققت نموا بنسبة 6 بالمائة العشرية الماضية، فضلا عن اتساع رقعة الأراضي المستصلحة وتضاعف المساحات المسقية.