قال عبد الحميد مهري الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني، أن بناء الدولة التي نادى بها بيان نوفمبر 1954 يتطلب تضافر جهود الجميع »دون إقصاء أو تمييز«، مشيرا إلى أن عظمة الثورة، إضافة إلى كفاحها المسلح، تكمن أيضا في »إدراكها أن هذه الثورة تتطلب جمع طاقات الأمة على خوض معاركها التي تحدد مستقبلها«. تحدث عبد الحميد مهري في كلمة ألقاها بمناسبة انعقاد الملتقى الدولي للراحل محفوظ نحناح، عن الغرض الذي التقى من أجله جماعة 22 حيث قال »هؤلاء الإخوان وجهوا الدعوة لجميع الجزائريين، للالتفاف حول هدف واحد وهو تحرير الجزائر« مضيفا »إن عظمة الثورة لا تكمن في الإقدام على تنظيم كفاحها المسلح، وإنما تكمن في أنها أدركت أن هذه المعركة تتطلب جمع طاقات الأمة على خوض المعارك الأساسية التي تحدد مصيرها ومستقبلها«، وعن التضحيات التي قدمها جيل الثورة أضاف مهري قوله »جيل نوفمبر قدم خدمة للبلاد ما زال باستطاعتنا الاستفادة منها«. وأضاف مهري في مداخلته التي حضرها العديد من الوجوه السياسية وممثلون عن التيار الإخواني في الدول الإسلامية، بالإضافة إلى ممثلي حركة المقاومة الإسلامية حماس وحزب الله اللبناني، أن ثورة التحرير انطلقت ببيان يدعو كافة الجزائريين إلى الانخراط فيها، لكن »الخطأ الذي وقع في بداية الاستقلال أن البعض اتجهوا إلى إقامة دولة على أساس إقصائي لا تتوفر على أدوات تسيير الاختلاف«، وفي ظل هذا الوضع، أكد مهري أنه »يتعين علينا العودة إلى تجاربنا، والاستلهام من ماضينا لشق طريق المستقبل«. وعلى الصعيد الخارجي أوعز مهري الشتات الذي يعانيه الخط العربي، إلى تخاذل بعض الأنظمة الرسمية بحجة الاعتدال، مشيرا إلى أن هناك تحديات في واقعنا القطري والعربي والإسلامي، ولا يمكن مواجهتها في ضل هذا »الشتات الذي تعاني منه الصفوف« وفي هذا الصدد تطرق المتحدث إلى الأحداث الأخيرة التي طالت قافلة الحرية والحصار الذي يتعرض له قطاع غزة، واعتبرها شاهدا على أن »الاعتقاد بأن الاعتدال المبرر للتنازلات يكفي وحده لإقناع الرأي العام« مرحبا في هذا الصدد بفكرة الاعتدال »لكن ليس على حساب الحق«. للإشارة، انطلقت، أول أمس، فعاليات الملتقى الدولي للراحل محفوظ نحناح، من تنظيم حركة الدعوة والتغيير الجناح المنشق عن حماس، وقد شارك في طبعة هذه السنة ممثلو حركات إسلامية في بلدان عربية وممثلو المقاومة الإسلامية، من بينهم محمد نزال قيادي حماس وممثلها بسوريا، وحسن عز الدين موفد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، إضافة إلى شخصيات معروفة مثل الأستاذ والمفكر معن بشور. وقد تناولت المداخلات مناقب الراحل نحناح، ودوره في نشر فكر الوسطية والاعتدال كمنهج حديث للدعوة الإسلامية، حيث أشار رفقاء دربه، من بينهم الطاهر زيشي، إلى أن الراحل سعى إلى بناء فكر يجمع بين المواطنة والإسلام.