لا يمكن أن نتحدث عن قمتي الثماني والعشرين، دون الحديث عن الاحتجاجات الملازمة لها، فآلاف الأشخاص يغتنمون الفرصة لتوصيل أصواتهم إلى كبار العالم، وعلى الرغم من أن مواضيع الشكاوى والاحتجاجات تختلف باختلاف الناس المحتجين، إلا أن المقصد يبقى واحدا، هو إحداث جلبة مع كل مناسبة من هاتين المناسبتين، عل رؤساء العالم الكبار يعيرون أيا منهم بعض الاهتمام، وقد تحول الأمر إلى تقليد يصاحب كل قمة، بل إن البلدان التي تحتضن هاتين القمتين، صارت تخصص ميزانية كبيرة بل وإجراءات لمنع هؤلاء المتظاهرين من التشويش على خلوة رؤساء العالم ومحاولة التأثير على قراراتهم. مبعوثة »صوت الأحرار« إلى تورنتو: سهام مسيعد عندما وصلنا إلى مدينة تورونتو الكندية عشية انطلاق قمة مجموعة الثمانية، كان كل شيء هادئا، وبدت المدينة التي عجت بناطحات السحاب بدل الناس شبه خالية، وهو ما جعلنا نعتقد في بداية الأمر أن كندا التي تعد ثاني أكبر بلد في العالم بعد روسيا من حيث المساحة خالية من الناس ولهذا يتم تسهيل إجراءات الهجرة إليها، وعلى الرغم من أن تحليلنا السطحي كان يحمل بعض الصحة، إلا أننا في اليوم الموالي أدركنا حقيقة أخرى، فبعد أن تحدثنا إلى بعض سكان المدينة عرفنا أنها مختلفة عن ما كانت تبدو عليه قبل أيام قليلة، وقد أخبرنا جميع من التقينا بهم أنه قد تم منح الموظفين عطلة مؤقتة يتناسب توقيتها مع انعقاد قمتي مجموعة الثمانية ومجموعة العشرين، بسبب بعض التخوفات من المظاهرات التي هدد مناهضو العولمة والمناضلون في بعض مجالات حقوق الإنسان عبر العالم، فالمدينة على حد تعبير سكانها الذين التقينا معهم، كانت تشبه بقية مدن العالم الكبيرة فيها كثير من الحركة بل وحتى الاكتظاظ عبر الطرق السيارة المؤدية إليها، لكنها اليوم تبدو وكأن لا أحد يقطنها. ومقابل إخلاء المدينة من مرتاديها، إن صح التعبير، لا حظنا تعزيزات أمنية مكثفة على مداخل المدينة وخارجها بشكل يوحي بوجود تخوفات من شيء ما، وفعلا فقد رافق بداية اجتماع قمة الثمانية احتجاجات كبيرة حيث تجمع المئات على بعد كيلومترات من منتجع موسكوكا الذي شهد اجتماع الثمانية وسط تشديدات أمنية صارمة علمنا فيما بعد أنها كلفت الحكومة الكندية ما قيمته 970 مليون دولار تم تخصيصها لتوفير الأمن للقمتين، لكن هذه التشديدات لم تمنع المتظاهرين من توجيه رسائلهم كاملة إلى رؤساء الدول الصناعية الكبرى في العالم، ولم تقتصر المظاهرات على التوجه إلى مدينة موسكوكا، بل أيضا احتج الآلاف في تورونتو مطالبين قمة مجموعة العشرين بوضع حد للفقر في العالم، حيث واجه المتظاهرون رجال الشرطة على بعد بنايات فقط من القنصلية الأمريكية، وأمام الغلوبل سانتر وهو مركز الصحافة الذي خصص للصحفيين لتغطية القمة، وقفت امرأة حملت صورة زوجها وكتبت على ورقة كبيرة أنه محتجز في إيران، وتريد التدخل لإرجاعه، وفي مساء أمس علمت "صوت الاحرار" أن عددا كبيرا من الجالية الصينية في كندا قد تظاهروا أمس تزامنا مع وصول الرئيس الصيني الذي يحضر قمة العشرين، وازداد الأمر تعقيدا عندما قدمت عدد من الدول تنبيهات إلى رعاياها بتجنب التوجه إلى مدينة تورونتو خلال انعقاد القمتين، على غرار ما قامت به وزارة الخارجية الأمريكية مع رعاياها الأمريكيين، وعلى الرغم من أن الحكومة الكندية قد سمحت لبعض المتظاهرين السلميين بتنظيم مسيرات سلمية في وقت سابقن إلا أن الشرطة كانت بالمرصاد أمس لكل من وقف ليتظاهر، خاصة وأن اجتماعات هاتين القمتين سابقا قد استقطبت جماعات احتجاج عنيفة، كانت مصممة على تعطيل الاجتماعات أو الاشتباك مع الشرطة، كل هذه الاحتجاجات تجعلك تدرك أن قمة الثمانية وقمة العشرين قد أصبحت مقصدا لكل من لديه مشكل داخليا كان أم خارجيا، بل قد أصبحت هذه الاحتجاجات تقليدا راسخا مع قدوم هاتين المناسبتين، يتم التحضير له وأخذه بعين الاعتبار أكثر حتى مما يتم التحضير للقمتين.