تشهد الجبهة الاجتماعية عشية الدخول الاجتماعي مؤشرات واضحة على أن هذا الأخير سيكون ساخنا إذا لم تتدخل السلطات لتهدئة الوضع، وهو ما يتضح من خلال تهديد الاتحاد الوطني للنقابات المستقلة بالدخول في إضراب، وهو ما ذهب إليه المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي»كناس« وكذا الفدرالية الوطنية لعمال النسيج والجلود، ناهيك عن التململ المُسجل لدى نقابات التربية بعد التصريحات النارية للوزير بن بوزيد والتي يُهدد فيها بفصل الأساتذة بعد ثلاثة غيابات غير مبررة. بالرغم من الهدوء النسبي الذي شهدته الجبهة الاجتماعية خلال النصف الأول من العام الجاري بالنظر إلى النتائج التي خرج بها لقاء الثلاثية بين الحكومة والمركزية النقابية ومنظمات أرباب العمل المنعقد ديسمبر الماضي والتي تضمنت رفع الأجر الوطني الأدنى المضمون إلى 15 ألف دج وإقرار عملية التسريع في إعداد أنظمة المنح والعلاوات ما نتج عنه الإفراج عن النظام التعويضي الخاص بقطاع التربية الوطنية، إلا أن مؤشرات التململ سرعان ما عادت إلى السطح بسبب بعض الملفات التي بقيت عالقة وكذا عدم الالتزام الصارم بتطبيق نتائج الثلاثية خاصة ما تعلق منها بملف الأجور ناهيك عن التلاعب الذي تمارسه بعض الوزارات في تعاملها مع النقابات. ومن هذا المنطلق، هدد المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي »كناس« بالدخول في حركة احتجاجية واسعة مع بداية الدخول الجامعي المقبل مبررا ذلك بما أسماه »تجاهل الوزارة للمطالب المرفوعة« وعدم استشارته في بعض الملفات التي وصفها بالحساسة منها التدابير المعتمدة في اختيار البعثات العلمية إلى الخارج وفرض قيود على الأساتذة في هذا الجانب واللجوء إلى سياسة التعتيم حين يتعلق الأمر بهذا الملف، ومن المنتظر أن يفصل »الكناس« في تاريخ حركته الاحتجاجية خلال اجتماع مجلسه الوطني المقرر نهاية شهر سبتمبر. نفس الشيء لجأ إليه الاتحاد الوطني للنقابات المستقلة الذي يجتهد هذه الأيام من أجل التنسيق بين تنظيماته النقابية الست النشطة في مختلف قطاعات الوظيف العمومي، لشن حركة احتجاجية موحدة كرد على تدني الوضع المعيشي للموظفين، وفي هذا السياق، أكد النقابي مزيان مريان رئيس النقابة الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي والتقني في تصريحات إعلامية حديثة، بأن »النقابات الممثلة في الاتحاد لن تتردد في تنظيم حركة احتجاجية موحدة بداية الدخول الاجتماعي إذا ما استمرت الأوضاع على ما هي عليه، وأصرت السلطات على غلق باب الحوار«. من جهتها، هددت الفدرالية الوطنية لعمال النسيج والجلود على لسان أمينها العام أعمر تكجوت بالدخول في حركة احتجاجية موازاة مع الدخول الاجتماعي وبالضبط منتصف سبتمبر الداخل بسبب البطالة التقنية التي تُهدد 10 آلاف عامل داخل القطاع جراء نقص المواد الأولية وسوء التسيير الذي يُعاني منه مجمع »تيكسماكو«، وبرأيه فإن البطالة التقنية ستُؤدي إلى حرمان العمال من الأجور لشهر أو شهرين في حال عدم توفير المواد الأولية في أقرب الآجال وقبل نهاية شهر سبتمبر على أبعد تقدير. وإضافة إلى ذلك، تأتي التصريحات الأخيرة لوزير التربية الوطنية، أبو بكر بن بوزيد، لتزيد الطين بلة بعدما أمر بتطبيق الفصل في حق الأساتذة بعد ثلاثة غيابات غير مبررة محملا مديري التربية والولاة مسؤولية أي اضطرابات خلال الدخول المدرسي، وهو ما اعتبرته نقابات القطاع تعسفا في استخدام السلطة وتجاوزا للدستور كون قرار الفصل تتخذه لجان الانضباط متساوية الأعضاء، ودعت إلى فتح الحوار وتلبية المطالب المرفوعة لتفادي الإضراب. أمام هذه المعطيات، وأخرى لا تقل حدة، مثل التململ الذي يعيشه عديد العمال ببعض المؤسسات الاقتصادية بسبب عدم استفادتهم بشكل مُرض من الزيادات في الأجور التي أقرها لقاء الثلاثية، تبقى مؤشرات دخول اجتماعي ساخن تلوح في الأفق في حال عدم معالجة المطالب المرفوعة في أسرع وقت ممكن.