يُعاني تُجار العاصمة هذه الأيام من ندرة حادة في القطع النقدية أو ما يُعرف ب"الصرف" وهو ما تسبب عدة مرات في صدامات مع الزبائن وصلت إلى حد حدوث شجارات عنيفة، واختلفت الآراء حول الأسباب الحقيقية التي تقف وراء هذه الظاهرة، فهناك من يُرجعها إلى عدم ضخ مثل هذه القطع لفترة طويلة من طرف بنك الجزائر، وهناك من يذهب إلى التأكيد على تكدُس هذه القطع في جهات معينة من الوطن. لا يزال مشكل الندرة يُطارد الحكومة منذ حوالي أربعة أشهر دون انقطاع، فبعد النقص الذي مس الأوراق المالية بمراكز البريد والذي بدأ خلال شهر رمضان الماضي انتقل المُشكل إلى حليب الأكياس وبعدها الأدوية والفرينة ليأتي الدور هذه المرة على القطع النقدية أي ما يُسمى بالعامية »الصرف«، وهي ندرة تأتي بعد الأخبار التي راجت مؤخرا والتي تتحدث عن وجود شبكة تقوم بتوزيع قطع نقدية مزورة من فئة 100 دج، وأن مصدر هذه القطع هو الصين ويتم توزيعها على بعض المحلات المتواطئة مع أفراد الشبكة. ويشتكي التجار والزبائن هذه الأيام بشكل غير مسبوق من هذه الندرة التي جعلت التاجر في العديد من المرات لا يبيع سلعته جراء هذا المُشكل، وهو نفس الشيء يحدث بالنسبة للزبون، ويؤكد م.عبد القادر، وهو بائع بإحدى الصيدليات بأنه يلجأ إلى الامتناع عن بيع الأدوية في حال ما إذا وجد نفسه مضطر إلى استعمال القطع النقدية وهو ما يحدث أساسا في الفترة المسائية، أي بعد نفاد المخزون اليومي من النقود الذي يوفره وذهب يقول »في السابق كنا نعتمد على أصحاب طاولات الدخان والباعة غير الشرعيين وحتى على المتسولين الذين كانوا يُزودونا بشكل يومي وكافي بالقطع النقدية، لكن محاربة هؤلاء من قبل مصالح الأمن، وإن كانت شيئا إيجابيا، تسببت من جهة أخرى في التقليل من المصادر التي تمدنا بالصرف باعتبار أن مؤسسات البريد أو البنك تُعاني بدورها من نفس المُشكل«. من جهته، يؤكد حميد.ط وهو سائق سيارة أجرة، أنه لجأ في العديد من المرات إلى البنوك ومراكز البريد قصد الحصول على كمية من القطع النقدية تساعده في العمل اليومي باعتباره يعتمد عليها في التعامل مع زبائنه لكنه لم يحصل ولا على قطعة واحدة وأورد في هذا السياق»قالوا لي نحن بدورنا في حاجة إلى هذه القطع وإذا وجدت كمية كافية فمن فضلك زودنا بها«، نفس الشيء تقريبا حدث ل يوسف. س الذي تفاجأ عندما قصد محطة الخروبة البرية للحصول على تذكرتي سفر بحيث طلبت منه الموظفة 60 دج فلم تكن بحوزته وهو ما جعلها تقول له »ما عنديش الصرف روح صرّف وارواح«، علما أن المحطة مؤسسة وطنية ومن المفروض أن تتعامل مباشرة مع البريد أو البنك في جلب القطع النقدية. المُشكل مطروح بحدة كذلك على مستوى حافلات النقل التي تشهد يوميا مشادات كلامية عنيفة بسبب لجوء قابض الأموال على مستوى الحافلة إلى الاحتفاظ بورقة 500 دج أو 200 دج وحتى 1000 التي يُسلمها له الزبون إلى حين الوصول إلى المحطة المقصودة، وهو ما يرفضه الزبون خوفا من آفة النسيان وترك الورقة المالية بأكملها. وفي رده على سؤالنا حول الأسباب التي تقف وراء هذا المُشكل، أرجع أحد العاملين بمركز بريد العاصمة ذلك إلى عدم ضخ مثل هذه القطع لفترة طويلة من طرف بنك الجزائر، بينما ذهب آخر إلى تأكيد تكدُس هذه القطع في جهات معينة من الوطن دون إيجاد تبريرات مقنعة.