تعيش الجزائر العاصمة عودة إلى ظاهرة الازدحام الخانق للسيارات، وهو ما يُعاني منه المواطنون منذ حوالي أسبوع؛ أي موازاة مع الدخول الاجتماعي، وزاد من حدة هذه الزحمة الأمطار القليلة التي تساقطت خلال الفترة المسائية ليوم أول أمس، ما تسبب في حدوث شجارات فيما بين السائقين وكذا مستعملي الحافلات وسيارات الأجرة، علما أن العاصمة تستقبل يوميا ما يُعادل 2 مليون سيارة؛ أي 20 مرة ضعف قدرتها الحقيقية، حسبما كان أكده مؤخرا وزير الأشغال العمومية عمار غول في أحد تصريحاته. وتأتي هذه العودة إلى ظاهرة الازدحام بعد أكثر من شهرين من الراحة التي شهدتها طرقات العاصمة بسبب العطلة الصيفية، والغريب في الأمر فإن الازدحام الخانق للسيارات لم يبق يقتصر على وقت مُعين، أي أوقات دخول وخروج العمال، كالفترة الممتدة مثلا بين الساعة السابعة والتاسعة صباحا والفترة الممتدة بين الرابعة والسابعة مساء، بل أصبح يمتد من الساعة السادسة ونصف إلى حدود منتصف النهار، وتستأنف الظاهرة على الساعة الثانية مساء إلى حدود السابعة ونصف ليلا وفي بعض المرات تتواصل إلى حدود الثامنة والنصف، وهي ظاهرة تصل إلى ذروتها خلال فصل الشتاء بحيث تتسبب الأمطار في تعطيل حركة السير بشكل يدفع المواطنين إلى طرح عدة تساؤلات حول دور السلطات العمومية. ورغم المنشآت القاعدية التي تم انجازها خلال العُشرية الماضية، وبالرغم من الطرقات الاجتنابية التي تم فتحها خلال السنتين الأخيرتين على مستوى الضواحي قصد تخفيف الضغط على المداخل الرئيسية للعاصمة، إلا أن حدة الازدحام لا تزال بنفس مستوى السنوات الماضية، بحيث يُعاني القادمون من ضواحي العاصمة ومن الولايات الأخرى بشدة من هذا المُشكل الذي يتسبب بدوره في خلق ظواهر أخرى لها آثار سلبية على حركة السير بصفة عامة وعلى سلوكيات المواطنين الذين يعيشون حالة من الطوارئ خلال فترة تنقلهم إلى أماكن عملهم، ما يدفعهم إلى الدخول في شجارات فيما بينهم أو مع السواق لأتفه الأسباب، وقد يتطلب منك الوقت ساعتين في بعض الأحيان خاصة أيام الأحد، الثلاثاء والأربعاء كي تتمكن من قطع مسافة لا تتعدى ال20 كلم، وهو الشيء الذي يُعاني منه مثلا القادمين من بلدية مفتاح، بودواو، الرغاية، أولاد فايت، زرالدة، بواسماعيل، السحاولة وغيرها من المناطق الواقعة في ضواحي العاصمة، ما يخلق لهم مشاكل أخرى على مستوى إدارات عملهم، ويقول ''م. س'' وهو أحد مستعملي حافلات النقل بين زرالدة ومحطة تافورة ويشغل في الوقت نفسه منصبا مُحترما في إحدى المؤسسات العمومية، أنه يلجأ في العديد من الأحيان إلى الخروج من المنزل على الساعة الخامسة و45 دقيقة صباحا كي يتمكن من استغلال الفترة التي تسبق الازدحام للوصول إلى عمله في الوقت القانوني، موضحا أن تأخير خروجه بنصف ساعة، مثلا، يجعله يتأخر يوميا عن العمل، وحول نفس الموضوع يُؤكد المُواطن ''ع. د'' أن تنقله صبيحة أمس من بلدية مفتاح إلى العاصمة تطلب منه حوالي ساعتين، وهو ما يجعله منهكا قبل البدء في العمل. وحسب إطار بقطاع النقل، فإن من بين الأسباب الأساسية لهذا الازدحام الارتفاع المتواصل لعدد السيارات التي تستقبلها العاصمة يوميا والذي بقي في نفس المستوى الذي شهدته السنوات الماضية رغم إلغاء القروض البنكية، وحسب الأرقام التي أعلن عنها وزير الأشغال العمومية في وقت سابق فإن الجزائر العاصمة التي تحصي حاليا 6 ملايين نسمة تستقبل مليوني سيارة يوميا، أي ما يُعادل 20 مرة ضعف قدرتها الحقيقية. وفي ظل عدم استكمال انجاز المشاريع الكبرى لقطاع النقل على رأس ذلك مشروعا الترامواي والمترو، يرى مُحدثنا أن المُشكل سيبقى قائما باعتبار أن الجزائر العاصمة تُعاني من تأخر كبير فيما يتعلق بمواكبة المشاريع المُنجزة بالعدد المُسجل في عدد السيارات.