قرّرت الحكومة تأجيل التوقيع على اتفاق الشراكة بين الجزائروفرنسا الذي يقضي بإقامة مصنع لتركيب السيارات من علامة «بيجو» بولاية وهران، وذلك في آخر لحظة قبل اجتماع اللجنة المشتركة رفيعة المستوى التي ترأسها مناصفة الوزير الأول عبد المالك سلال ونظيره الفرنسي إيمانويل فالس، أمس، بالجزائر. وجاء إعلان تأجيل تجسيد هذا المشروع الذي عرفت المفاوضات بشأنه العديد من التعثرات منذ إبداء الطرف الفرنسي رغبته في انجاز ثاني مصنع «بيجو» بالمنطقة المغاربية وفي وتحديدا في المغرب، توازيا وقرب إطلاق مصنع علامة السيارات الألمانية «فولسفاغن» بالجزائر، حسب ما أكده، أول أمس، مراد علمي الرئيس المدير العام لشركة «سوفاك»، مما يؤكد على أن الجزائر لا تريد الاستعجال في مسالة أنجاز مشاريع من هذا القبيل، كما كان الشأن مع مصنع رونو الذي أسال الكثير من الحبر بالنظر إلى ما تم تسجيله من سلبيات في هذا المشروع. وحسب بعض المصادر فإن قرار التأجيل كان لدواعي تقنية فيما فسره بعض الملاحظين على انه نتاج خلفيات سياسية كون أن التوقيع على مشروع مصنع «بيجو ? ستروان» كان أهم نقطة مدرجة في اجتماع اللجنة المشتركة رفيعة المستوى التي ترأسها مناصفة الوزير الأول عبد المالك سلال ونظيره الفرنسي ايمانويل فالس أمس، قبل أن يتم اطلاع الجانب الفرنسي بتأجيل التوقيع على هذا المشروع إلى موعد لاحق. وتحاول الجزائر أن تكسب العديد من النقاط لصالحها فيما يتصل بمشروع «بيجو» الذي من المقرر أن تحتضنه مدينة عين الكرمة بولاية وهران وعلى مساحة 100 هكتار، خاصة فيما يتعلق بالمزايا التسويقية ونسبة الإدماج المحلي، والاستفادة من تجربتها السابقة مع مركب «رونو» الذي منح العديد من الامتيازات للشريك الفرنسي، والتي لم تمنح له في المغرب بعد أن كان قد جسد مشروعها مماثلا في السباق وبنسبة إدماج وطاقة إنتاج كبيرتين. وانطلقت الجزائر في مفاوضاتها مع المصنع الفرنسي «بيجو» هذه المرة من موقع قوة ، خاصة بعد إعلان كبار مصنعي السيارات في العالم رغبتهم في الاستثمار بالجزائر، فيما توشك بعضها على الانطلاق الفعلي في صورة العملاق الألماني «فولغسفاغن» الذي قرر انجاز مصنع له بولاية غليزان والذي من المرتقب أن يشهد ميلاد أول سيارة مطلع السنة القادمة، حسب ما اعنه مسؤولو «سوفاك» مؤخرا. ودائما ما تعرف العلاقات الاقتصادية الإستراتيجية بين الجزائروفرنسا «مدا وجزرا» كما يحدث اليوم مع مصنع «بيجو- ستروان» بالنظر إلى محاولة الطرف الفرنسي فرض شروطه والتي في بعض الأحيان «معطرة بروائح سياسية»، فيما يتحجج في بعض المرات بصعوبة مناخ الأعمال والاستثمار بالجزائر على غرار «قاعدة 51/49» التي يعتبرها مثبطة لولوجه السوق الجزائرية من بوابة الاستثمار، رغم أن العديد من الشركات العالمية الأخرى لم تبد أي تحفظات بشأنها. و"كسياسة عقاب للجزائر" التي تم ترضخ لبعض شروط ها فيما يتصل بتجسيد مشاريع من هذا القبيل، سعت فرنسا لتغيير وجهتها نحو المغرب التي احتضنت مصنعين ضخمين لتركيب السيارات من علامتي «بيجو» و»رونو»، والحجة التي قدمتها حينها الحكومة الفرنسية سهولة مناخ الاستثمار بهذا البلد، إلا أن بعض المحللين يعتبرونها مناورة من طرف فرنسا التي تسعى لأن تكون «رابحة- رابحة» وفقط في علاقاتها الاقتصادية مع دول المغرب العربي