في إطار المنافسة الرسمية للطبعة الجديدة ال41 للمهرجان الوطني مسرح الهواة الذي ستختتم فعالياته سهرة اليوم بدار الثقافة ولد عبد الرحمان كاكي –مستغانم – جمهور القاعة الزرقاء كان سهرة أول أمس مع عرضي "لو..هام " لفرقة التعاونية المسرحية كاتب ياسين ببلعباس و"دم الحب " لفرقة عبد القادر فراح للفنون الدرامية بالمدية حيث تناولت مسرحية "لو..هام " التي اقتبسها هشام بوسهلة عن نص الكاتب عبد الأمير شيخ بعنوان "الهشيم " وأخرجها مربوح بونخلة وحركها ركحيا كل من جناتي سعاد ،لصفر بخالد، بوتشيش بوحجر، موسى محمد ،هشام بوسهلة، فيما صمم السينوغرافيا مربوح عبد الإله إشكالية غاية في العمق من خلال لوحات تفوح بذاكرة الموت وثقافة الإعتراف التي يطالب بها مجموعة من الشخوص ينتظرون بلهفة وصول القطار على قارعة المحطة ويحمل النص دلالات المرحلة الدموية التي عاشتها الجزائر في رحم الإرهاب المخضب بالخطيئة وإجهاض معنى الحياة والإنسان ولبس شخوص العمل المسرحي المميز وفق بنية سينوغرافية مثيرة في تركيبتها الجمالية التي تشع بالإنفجار والأشلاء المترامية على خارطة الوطن الذي اغتاله أبناؤه وزرع في أحشاؤه الموت والسواد ونجحت المسرحية في إثارة جملة من القضايا المتصلة بضرورة التسامح ونسيان الماضي وإن كان من المستحيل ترميم وجه العذراء من فضيحة الإغتصاب وتجلت عذابات الشخوص بأقنعتهم وصراخهم من أجل عودة ذاكرتهم على وقع تقنية المسرح التجريبي ولامست عبثية بيكيت في ترانيم أوجاع شخوصها التائهين في غياهب الذاكرة المتشظية ،من جهتها داعبت مسرحية "دم الحب " التي أبدعها المخرج أحمد بلعالم عن نص ولد عبد الرحمان كاكي سؤال معنى وجدوى الحب عبر 5 نمادج هي شخصيات مختلفة القناعات والرؤى وأداها كل من سليم قبايلي، يوسف صوالحي، لقمان حمو، محمد مامي ،كمال كوار، رياض بن قرطبي وتميزت عروض أمس بتقديم مسرحية " ألبس عقلك " لتعاونية القليعة المسرحية لتيبازة التي كتب نصها يوسف تاعوينت وأخرجها نبيل عسلي وتدور أحداثها داخل مصنع يكاد دمر عن آخره جراء الزلزال الذي ضرب المدينة ليجد فيه العالم وهو شخصية محورية في العمل نفسه أمام العامل وهو الوحيد الذي بقي داخل المصنع لتقع المواجهة وتلتقي الأضداد ويحتدم الصراع أمام الاختلاف. أما فرقة فن الخشبة لأدرار وعبر عروضها لمسرحية "الدراويش يبحثون عن الحقيقة" للمخرج نور الدين بولغيتي الذي اقتبسه أحمد دليل عن نص الكاتب السوري مصطفى الحلاج المسرحية التي كتبها الحلاج بعد الهزيمة هي نص أمين ينقل معاناة الذات العربية التي وجدت نفسها تعيش تصدعات الهزيمة بعمق، لينقل لنا صورة الدرويش وهو في حالات انهياره وقهره وتلك اليد الشريرة التي تسيره وتعبر بكل سادية عن فرحها وهي ترى الرجل يفترش أوجاعه ويتلحف آلامه ويتحول إلى "بهلوان " في يد الأقدار. فرقة أدرار فتقت خيوط الوجع العربي بجمالية ركحية دون السقوط في متاهات التجريب ، بل حاولت أن تقدم شكلا جديدا يتوافق مع اللحظة التاريخية الراهنة التي يعيشها المجتمع الجزائري وتوظيفها دلاليا . "الدراويش يبحثون عن الحقيقة" التي تقاسم فيها دور البطولة كل من الممثلين واجي سعيدة في دور" جازية" وهي رمز المرأة العفيفة الجميلة والرقيقة كما تنقل لنا ذلك السيرة الهلالية، و الممثل بن علي ميلود في شخصية " الدرويش" الشخصية المحورية في العرض و بامون الجيلالي المتقمص لدور" السيد" الذي يحلو له مراقبة الدرويش وهو في عمق الصراع الممزق. ويظهر الدرويش في المسرحية التي اختار لها السينوغرافيان سر محمد وقسوم عز الدين ديكورا صحراوياكشخص مهزوم بسبب قمع السلطة التي تتمادى في وحشيتها إلى درجة أنها تحوله إلى كائن هش يتهاوى بسرعة ويسقط فريسة انفصام الشخصية بسبب الشكوك وتواطؤ المراقبة والقهر الدائم في كل الجبهات ولكن من جهة أخرى نرى معالم الثورة وهي تترسب في أعماق هذا الدرويش المنهك الذي سلب من حبه وحياته وذاته. مسرحية أدرار تحمل معاني كثيرة عن القيم الانسانية والصراع بين الخير والشر وجدلية الهزيمة التي ترفض أن تفك طوقها وهي جرأة من فرقة فتية قادمة من أعماق الصحراء لتقدم عملا كبيرا من هذا الطراز خاصة وان الممثلين شباب ولهم طاقات كامنة بحاجة إلى التفجير فهم يصنعون التقليد وتتواصل اليوم عروض كل من " السفير" لفرقة المسرح الجديد بيسر ببومرداس ومسرحية "راغلة" لفرقة نجوم المسرح التونسية .