مصطفى سوكحال، صحفي ومراسل بقناة "الحرة" تخرج من الجامعة الجزائرية، اشتغل في البداية كمراسل في جريدة "الأهرام" ومن ثمّ القناة الأولى الإذاعية، وكان من أوائل الملتحقين بالإذاعة الدولية عند تأسيسها، بعدها انتقل إلى قناة "الشرق" السورية و من ثمّ قناة "الآن" ثم انتقل إلى قناة "الحرة" التي يشتغل بها إلى اليوم. بداية، كيف يقضي سوكحال يومه في رمضان؟ أشكركم على إتاحة هذه الفرصة والاستضافة الكريمة في جريدتكم الموقرة، و رمضان مبارك عليكم وعلى الأمة الجزائرية والإسلامية قاطبة، يومي في رمضان لا يخلو من جدول أعمال بين العمل والأسرة و الأوقات الروحانية، فتجدني يوميا أبرمج نفسي من اجل إنهاء ست ساعات دوام قبل العصر والعودة للمنزل لأخذ قسط من الراحة ثم الخروج قبيل الإفطار بساعة أو أقل ترافقني نور عيني ابنتي جنان إلى أحد مراكز التسوق لشراء ما يلزم للمطبخ و أحيانا أخرى أفضل الذهاب للنادي الرياضي قبيل آذان الإفطار، ثم بعد الإفطار جلسة خفيفة بالبيت وبعدها التوجه لأداء صلاة التراويح لنتفرغ بعدها للسهرة في البيت أو تلبية دعوات أو استقبال أصدقاء في منزلنا. ما هي الأكلات والأطباق التي تشتهيها؟ "الحريرة" و"البوراك" أساس مائدة رمضان وما يميزنا كمستغانميين وككل الجزايريين مثلما هو رائج، ويبقى تفضيلي للأطباق لا يتوقف عند طبق بعينه والحمد لله والشكر على نعمه تتوالى تباعا على المائدة خلال أيام الشهر لكنني أفضل واشتهي كل خيرات المولى عز وجل وما تجود به أنامل وأفكار زوجتي حبيبة قلبي ورفيقة دربي نورية الله يحفظها لي. هل تساعد بالمطبخ؟ هذا سؤال محرج أحيانا لأنه يشعرني بالتقصير، فعلا لست مداوم ولكنني أبادر أحيانا لتحضير طبق خفيف و لتحضير العصائر كما أنني أيضا عند الانتهاء من الفطور أساعد في إعادة ترتيب المائدة. كيف تعيش أجواء رمضان بالغربة وما هو أكثر شيء تحن إليه بالوطن في هذا الشهر الفضيل؟ رمضان في الإمارات وفي دبي أُلِفتُه فثمانية أعوام تقريبا كافية للتعود على تقاليد وأجواء الشهر، ومازلت أتذكر أول رمضان لي هنا كان صعبا علي نوعا ما وربما أكثر شيء لحظة ينادي الآذان ويحل وقت الإفطار ثم تلتفت من حولك فلا تجد أمك أو أبوك، أختك أو أخوك في الغربة ومثل ما مرّت علي وعلى غيري في كثير من الأحيان ما يجد المغترب نفسه وحيدا جالسا على مائدة إفطار عامرة بالخير و فاقدة "للّمّة" ولكمِ أن تتصوروا الغصة التي تعترض في الحلق عند شعورك بمرارة الغربة، فكل ما أحنّ إليه وتشتاقَ وتتوق له نفسي هو اجتماع العائلة وقعدة أرتشف فيها فنجان قهوة مع أبي الغالي وأمي "الله يطول في عمارهم"، وأجواء الشهر الكريم في قرانا و مدننا وأحيائنا لتجد نفسك وسط بيئة مختلفة تماما عن الجزائر. دبي مدينة عالمية والناس فيها من جنسيات متعددة وألوان ولغات وديانات متنوعة هذا كان في أول رمضان وفي أيامه الأولى لكن الحمد لله مع مرور الوقت توسعت شبكة الأصدقاء وهنا أذكر صديقي سليم بوعسلة منتج الأخبار في قناة العربية سابقا و طارق بوساحة وأسرته وزميلتنا واختنا المذيعة لبنى ديب كنّا نواظب على جلسات متكررة في سهرات رمضان في منزل سليم الذي عوضنا دفئ العائلة لكن سليم الذي كان يجمعنا افتقدناه كثيرا في دبي حين غادر إلى أمريكا قبل خمس سنوات. ما الذي يميز الأجواء الرمضانية في الإمارات؟ رمضان الإمارات شهر له نكهته الخاصة وتميزه قيم وروحانيات متأصلة في جوهر أخلاقيات المجتمع الإماراتي أعتقد كثير من الروابط تجمعنا في الجزائر مع الإماراتيين والعادات والتقاليد التي تجسدها طقوس يومية وموروثات مختلفة جميلة في يوميات رمضان ولياليه وإن كانت تلك الطقوس تتوارى خلف إعداد الجنسيات الغربية والتطور المبهر الذي تشهده مدن مثل دبي و أبو ظبي لكن في بيوت المواطنين الإماراتيين وفي مناطق داخلية مثل رأس الخيمة والفجيرة وأم القيوين تنبض أجواء رمضان بنفحات الماضي والأنشطة وازدهار المطابخ الشعبية و رواج أكلات تقليدية معروفة مثل "الهريس" و "العصيدة" و"الثريد". ما يميز رمضان في الإمارات مظلة خير وأرفة تجمع الناس وسط أجواء التسامح ودفء التعايش وتكثر فيه الصدقات وأعمال الخير ويتسابق المتطوعون لإطعام الصائمين في الشوارع والخيام المنصوبة في كل حي وبمحاذاة كل مسجد إلى جانب الفعاليات الترفيهية والعروض الترويجية والتسهيلات وتخفيض الأسعار التي ينتظرها الجميع هنا. هل أنت متابع للشبكة البرامجية التي تعرضها القنوات الجزائرية وما تقييمك لها؟ شاشة التلفزيون الجزائري لا نستغني عنها في المنزل وخاصة في رمضان، فمجرد مشاهدة أذان الجزائر الذي يرفع أو البرامج الرمضانية هي بمثابة خيط الوصل مع الوطن في رمضان، أما كشبكة برامجية لست متابعا جيدا ولكن ننتظر فقط بعض الأعمال المُسلّية والفكاهية التي أراها ليست في مستوى الأعوام السابقة. أما كقنوات خاصة أصبح مزعج مشهد المقالب وأسلوب الحديث والألفاظ "البذيئة" التي تفاجأت صراحة بسماعها ناهيك عن المضمون ككل وما يصل للمشاهد في البيت وأفراد الأسرة وهم مجتمعين، معذرة هذه وجهة نظري إزاء المبالغة في الضجيج فقط من أجل من يجذب أكبر نسبة مشاهدة وربما القائمين على كل ما يبث يرون فيما يقدمون للمشاهد نافع وذا جدوى لكنني أراه عكس ذلك لأن ثوابت الأسرة الجزائرية راسخة مهما تغير نمط الحياة على الأقل الخطوط الحمراء "الحرمة". أتابع بعضا من حلقات مسلسل "الخاوة" الذي برأيي يعد من الأعمال الرمضانية التي تقدم الدراما الجزائرية بأسلوب مختلف عن المألوف من ناحية الإخراج والإنتاج والممثلين والسيناريو وأماكن التصوير وغيرها فهذا عمل يستحق الإشادة والتشجيع لمزيد مِن التميز والتطوير. كيف هي وتيرة العمل الصحفي في رمضان؟ ما يتعب هو الجو الحار هذه الأيام في الإمارات فأيام الأسبوع هنا أقضي بعضها خارج المكتب في تصوير القصص ذات العلاقة بأجواء الشهر الكريم وتقارير إخبارية وبعضها الآخر داخل المكتب للمونتاج وللتخطيط والترتيب لأجندات الأسبوع الذي يلي وإلى غير ذلك من تفاصيل العمل. بالنسبة السهرة كيف تقضيها؟ سهرة رمضان ما فيها أحلى من "قعدة" مع أسرتي وفي الغربة الأسرة الصغيرة تعوضك الكثير، في بعض الأحيان نقضي السهرة خارج المنزل عند احد الأصدقاء وكذلك السحور الرمضان، حيث تكثر في دبي مؤدبات السحور وفعاليات المجالس الرمضانية. ما تعليقك على ما يجري في قطاع غزة هذه الفترة؟ طبعا في رمضان قلبي مع غزة ومع كل الناس في المناطق التي يجابهون فيها شظف العيش وضيق الحال ولكن إيماني أن الله سبحانه وتعالى يتولاهم برحمته ولطفه وينصر كل مظلوم على وجه الأرض وما يجري في قطاع غزة اليوم هو حالة إنسانية تستدعي إغاثة على وجه السرعة ناس ذنبهم إرادة العيش بكرامة والتمسك بأرضهم والدفاع عن عرضهم وشرفهم ومقدساتهم ورفضهم اغتصاب الأرض وإذلالهم وأهانتهم وما يجري وصمة عار مثلما يقال على جبين الضمير الإنساني أينما كان. هل تستغل الجالية الجزائرية شهر رمضان للتقرب أكثر من بعضها؟ صراحة لا، قليل التواصل وينحصر الأمر فقط على معارف قريبين من بعضهم البعض كان لي حديث أمس مع القنصل العام الجزائري في دبي وطرحت له فكرة لقاء أو مجلس رمضاني يجمعنا كجزائريين أو على الأقل الإعلاميين وأسرهم لنعيش جو جزائري فرحّب بالفكرة ويرغب أيضا ترتيب لقاء في العيد وسعادة القنصل السيد محمد دراجي بالمناسبة متحمس دائما و قد جمع الجالية في أكثر من مناسبة مثل عيد ثورة نوفمبر المجيدة واحتفالات يناير ولقاء مع الإعلاميين وهذا صراحة لم نعهده في السابق وشكلت كل اللقاءات فرصة منقطعة النظير في التواصل والتعارف والتقارب بيننا كجزائريين وهو مشكور على مبادراته. كلمة أخيرة شكرا لكم في جريدة "صوت الأحرار" وتمنياتي لكم بالتوفيق وكل رمضان وأنتم بخير. ورمضان شهر الخير أتمنى من كل من له مقدرة على فعل الخير وأن يزرع البسمة على وجوه المحتاجين والفقراء ويفرح قلوبهم و أن لا يتردد في المبادرة ولأن صناعة الأمل تبدأ من كل فرد في المجتمع أقول اصنعوا الأمل و أسعدوا من هم بحاجة إليكم في هذه الحياة.