تذهب كثير من تعليقات المحللين والمتتبعين إلى أن ما يجري في المنطقة العربية مؤخرا من انتفاضات واحتجاجات وحركات تمرد على الأنظمة هي ثورات بنكهة تكنولوجية، أثارتها تسريبات موقع ويكيليكس واحتضنتها مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفايس بوك وتويتر التي كانت مساحات للتعبئة والتواصل بين الشباب في تونس وفي مصر وفي عديد من الدول الأخرى، فيما تكفلت القنوات الفضائية وفي مقدمتها الجزيرة القطرية بنقل وقائع هذه الثورات لمجرد اندلاع شرارتها الأولى. وجدت الأنظمة في المنطقة العربية نفسها في مواجهة مفتوحة مع التكنولوجيا، مواجهة مع المدونين والشباب من رواد مواقع التواصل الاجتماعي عبر الشبكة العنكبوتية، الشبكة التي أسقطت الحدود بين الدول لتحل محلها الحدود الافتراضية، ولعلّ أول عدو واجهته الأنظمة العربية هو الفايس الذي أحدث ثورة في عالم الاتصال تحول بموجبه كل مواطن إلى صحفي يساهم في صناعة الرأي العام وتوجيهه من خلال ما ينقله على صفحات هذا الموقع من أخبار وتعليقات وصور ومقاطع فيديو. وقد كان النظام التونسي أول ضحايا هذه المواجهة مع التكنولوجيا رغم كل القيود التي فرضها هذا النظام على الأنترنيت، حيث صنفت تونس إلى جانب كل من مصر والسعودية وسوريا ضمن قائمة 12 دولة وصفها تقرير منظمة مراسلون بلا حدود لسنة 2009 أنها أعداء الأنترنيت، ويذهب عديد من المتتبعين إلى أن انتحار الشبا التونسي البوعزيزي في سيدي بوزيد ما كان ليكون شرارة لثورة شعبية تنتهي باسقاط نظام بن علي لولا تلك الصور التي التقطتها شابة تونسية بهاتفها النقال، للبوعزيزي وهو يضرم النار في جسده، صور وضعت على الفايس بوك وتناقلها مئات الآلاف من رواد هذا الموقع ومواقع أخرى إن لم يكن الملايين، فموقع الفايس بوك يحصي ما يفوق 50 مليون منخرط في هذه الشبكة. والمتصفح لصفحات موقع الفايس بوك وتويتر والمنتديات يفهم اتجاهات الشباب العربي الذي أثبت أنه ليس كما يقال عنه »شباب مستهتر أخذ من التكنولوجيا« قشورها، صفحات الشباب العربي على مواقع التواصل الاجتماعي تحصي مئات إن لم تكن آلاف الصفحات تحمل كلها دعوات الثورة ومطالب التغيير في أكثر من بلد عربي، منها صفحة ثورة الشعوب، ثورة الحرية، ثورة التغيير، ثورة الكرامة، صفحات يرتادها آلاف الشباب يعبرون من خلالها عن آرائهم عن مطالبهم التي تلتقي عند مطلبي التغيير والرفض للأنظمة القائمة، تبادل صور وأخبار قمع الأنظمة للشعوب وفساد المسؤولين، مع الدعوة للتعبئة من أجل الثورة والانتفاضة، مثلما حدث في النموذجين التونسي والمصري، فقد كانت صفحات موقعي الفايس بوك وتويتر مساحات للتعبير والتحضير للثورة والانتفاضة في البلدين، رغم كل محاولات التضييق والرقابة المفروضة على الأنترنيت وشبكة الهاتف النقال. وتذهب قراءات الكثيرين إلى أن سنة 2011 هي سنة الثورة الرقمية أو الثورة التكنولوجية التي يخطط لها ويديرها الشباب عبر مساحات التواصل الاجتماعي، وبإطلالة خاطفة على صفحات الفايس بوك تقابلك دعوة لانتفاضة في البحرين في 14 فيفري وأخرى لانتفاضة في ليبيا في 17 فيفري وثورة اليمن السعيد قريبا قريبا، ومن أجل ثورة شعبية في الجزائر يوم 12 فيفري هكذا تقول صفحات الفايس بوك، واستكمالا لسيناريو الثورات التكنولوجية في المنطقة العربية والتي كان موقع ويكيليكس ومن خلال تسريباته شرارتها الأولى، لن تتوانى القنوات الفضائية وفي مقدمتها قناة الجزيرة في تبني هذه الثورات وتأجيج لهيبها.