لا تكاد مفاوضات الدوحة بين حركة طالبان الأفغانية والولاياتالمتحدةالأمريكية تذكر في وسائل الإعلام العالمية رغم أنها قد تفضي إلى إنهاء حرب في أفغانستان استمرت لأكثر من سبعة عشر عاما، وحسب تصريحات مسؤولين أمريكيين إن اتفاقا بات وشيك التوقيع تلتزم بموجبه طالبان بالكف عن شن هجمات عالمية، وتلتزم بعدم استخدام أراضي أفغانستان كقاعدة للهجوم على الولاياتالمتحدة، في حين يحث المبعوث الأمريكي إلى أفغانستان زلماي خليل زاده الحركة على الجلوس إلى طاولة المفاوضات من أجل التوصل إلى تسوية سياسية مع حكومة كابول. ما يجري في الحقيقة هو ترسيم لهزيمة أمريكية مدوية، فالحرب على أفغانستان كلفت واشنطن تريليون دولار، وتسببت في مقتل نحو 2400 جندي أمريكي إضافة إلى نحو ألف وسبعمائة فقدوا جميع أو أحد الأطراف، والآلاف من الجنود الذين يعانون من إصابات شديدة في الدماغ، وتشير تقديرات أمريكية إلى أن هذه الحرب كلفت أكثر من أي حرب أخرى ما عدا الحرب العالمية الثانية. كل هذا من أجل ماذا ؟ لا توجد إجابة دقيقة ومقنعة، لكن جورج بوش الابن اعتبر الحرب على أفغانستان ردا ضروريا على هجمات الحادي عشر سبتمبر، ولم يكن صعبا إسقاط حكومة طالبان التي كانت تواجه منذ تأسيسها عزلة دولية، لكن المغامرة استمرت إلى أن أعلن دونالد ترامب قراره بالانسحاب من هناك. سقطت حكومة طالبان لكن أمريكا وحلفاءها فشلوا في تفكيك الحركة، وجاءت مفاوضات الدوحة لتثبت أن الهدف الأمريكي المعلن من الحرب لم يتحقق، وأسوأ من هذا يجري التوسل لطلبان الآن من أجل المشاركة في السلطة التي طردت منها قبل نحو ثمانية عشر عاما. منذ سنوات لم تعد أفغانستان حاضرة في وسائل الإعلام الغربية، فلقد اختفت تلك النقاشات حول وضعية المرأة هناك، ونمط المعيشة المتشدد الذي تفرضه طالبان بالقوة، حيث تبين أن الحملة الإعلامية كان هدفها تبرير التواجد العسكري هناك للرأي العام قبل أن يطوي النسيان الحرب في حين استمر النزيف بعيدا عن الكاميرات وموائد النقاش في قنوات التلفزيون العالمية. للمجتمع الأفغاني طبيعته، وللواقع هناك حقائقه التي لا يمكن أن تغيرها الدعاية الغربية أو آلة القتل الأمريكية والأطلسية.