أشرف الرئيس الأفغاني حامد كرزاي على لقاء مع ممثلين عن حركة طالبان على أمل التوصل إلى إقناع الحركة في مفاوضات جدية بهدف التوصل إلى صيغة يمكن من خلالها إيقاف الحرب التي دخلت أمس عامها العاشر منذ إطلاق أولى صواريخ ''توماهاوك'' في السابع من شهر أكتوبر 2001 ضد حركة طالبان من قبل الأمريكيين لإسقاط حكمهم تحت ذريعة مكافحة الإرهاب. بعد تسع سنوات من الحرب على ما اصطلح عليه مكافحة الإرهاب والقضاء على حركة طالبان، المتهمة بكونها رأس الإرهاب في العالم، والتي تأوي الرجل الأول في تنظيم القاعدة والمطلوب من أمريكا أسامة بن لادن، تحاول واشنطن وحلفاؤها بالتعاون مع حكام كابول، إقناع قادة طالبان بإلقاء السلاح والتفاوض من أجل إنهاء الحرب التي لم تعد تتحكم فيها الولاياتالمتحدة وحلفاؤها بسب تعاظم قوة طالبان عسكريا والعمليات النوعية التي نفذتها في ساحة المعركة، وأسفرت عن الآلاف من القتلى في صفوف جنود التحالف، هذه الخسائر التي وصلت الذروة خلال العام الجاري، رغم كل الخطط والعمليات العسكرية الواسعة التي نفذت وكذا الدعم العسكري المتزايد الذي قدمه الرئيس الأمريكي باراك أوباما. وتزامنت الذكرى التاسعة للغزو الأمريكي لأفغانستان مع كشف تقارير إعلامية غربية لوجود اتصالات ما بين مسؤولين أمريكيين وحكومة كرزاي مع قادة حركة طالبان، وإن كانت الحركة قد نفت نفيا قاطعا وجود مثل هذه الاتصالات منذ أسبوع مضى، حيث إنها جددت موقفها القاضي بأنها لن تلقي السلاح ما دام يوجد في البلاد غزو أجنبي. غير أن صحيفة الغارديان البريطانية ذكرت في عددها ليوم أمس نقلا عن مصادر لم تسمها قالت بأنها باكستانية وعربية أن حكومة كرزاي ربطت اتصالات مع حركة حقاني التابعة لطالبان، والتي تعد أقوى الفصائل التي تستهدف حاليا في وزيرستان من قبل الناتو، خلال الصيف الماضي شأنها شأن الولاياتالمتحدة التي اجرت اتصالات مماثلة عبر وسطاء غربيين، غير أن ذات المصدر وصف المباحثات بالخجولة التي عقدت مع مجلس شورى كويتا الذي يمثل ما تبقى من حكومة طالبان بعد الغزو الأمريكي المتواجد مقرها في باكستان حسب التقارير الغربية. وكانت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية قد كشفت الثلاثاء أن قائد حركة طالبان الأفغانية الملا عمر أبدى دعمه لهذه المباحثات. الحديث عن المفاوضات وبهذا الشكل الواسع سبقه الحديث عن سقوط المئات من قوات الناتو حيث سقط حوالي 500 جندي وفق إحصائيات غربية، وتقول تقارير إعلامية أن عدد قتلى الناتو في أفغانستان منذ عام 2001 ارتفع إلى 2068 جندي نصفهم تقريبا قتل عامي 2009 و2010 ويشكل الأمريكيون نحو 60 في المائة من القتلى. الطرف الأمريكي ومعه حكومة كرزاي وصلت إلى حقيقة أن العمل العسكري لم يعد كفيلا لوحده بإحلال السلام في ربوع أفغانستان بالقضاء على طالبان، بل وصلت إلى قناعة أن السلام أصبح يمر عبر كسب ود طالبان بالدخول معهم في مفاوضات كمرحلة أولى. ووصل الأمريكيون في عهد أوباما الذي ورث ملفات ثقيلة عن سابقه جورج بوش البن، إلى هذه المعادلة بعد أن جرب حربا ضروسا ضد حركة طالبان، والتي تطلبت إنفاق مليارات الدولارات وأربع جولات انتخابية رئاسية وتشريعية، وتقوية التواجد العسكري الأجنبي عشرة أضعاف مما كان عليه منذ إطلاق الحرب ضد طالبان التي كان الدافع ورائها هجمات الحادي عشر سبتمبر .2001