أدى أكثر من مليون شخص صلاة الجمعة في ميدان التحرير وسط القاهرة، حيث دعا الخطيب الحشود والشباب إلى الصبر حتى إسقاط نظام الرئيس محمد حسني مبارك قبل وصول عدد المتظاهرين إلى نحو ثلاثة ملايين، في حين شهدت الإسكندرية ومدن أخرى عقب ما سموه »جمعة الرحيل« مسيرات حاشدة تطالب برحيل مبارك. وأدت الجموع في ميدان التحرير صلاة الغائب على أرواح الضحايا الذين قتلوا في الاحتجاجات التي انطلقت قبل عشرة أيام بعد انتهاء صلاة الجمعة، أعقب ذلك هتاف أكثر من مليون شخص بالنشيد الوطني والأناشيد الوطنية وترديد هتافات تطالب مبارك بالرحيل في جو مهيب. وقال أبو العز الحريري من اللجنة الوطنية لمتابعة مطالب الثورة إن هناك أكثر من مليوني إنسان في ميدان التحرير، متوقعا وصول العدد إلى 3.5 أو أربعة ملايين عقب صلاة الجمعة . وأكد أن المتظاهرين سيواصلون التعبير عن احتجاجاتهم السلمية »وإذا لم يتراجع النظام سنواصل مسيراتنا« مشددا على أن الشباب لن يتحركوا من الميدان و»مرابطون حتى النصر أو الشهادة«. وأشار الحريري إلى أن ميدان التحرير جمع متظاهرين مسلمين ومسيحيين أدوا صلواتهم أيضا في الميدان، مشيرا إلى أن الجيش ليس له دور إيجابي. ودعا خطيب الجمعة في ميدان التحرير الشيخ مزهر شاهين المتظاهرين إلى الصبر والثبات في الميدان حتى نيل مطالبهم المتمثلة بتغيير رأس النظام وإلغاء قانون الطوارئ وتعديل الدستور وإلغاء البرلمان والإفراج عن المعتقلين فورا، واصفا قانون الطوارئ بأنه نقطة سوداء في تاريخ مصر عُذب به الملايين. وأضاف الشيخ مزهر »أوصيكم بالصبر والثبات فإن هناك من يريد أن يشتت شملكم« وأكد أن شباب مصر يرفضون التدخل الأمريكي والغربي في شؤون مصر، مشددا على أنه ليس للمتظاهرين حلف أو أوصياء، وأن من يريد التفاوض معهم يجب أن يأتي إليهم، وأنهم يرفضون القفز على مطالبهم. كما أكد شعبية وسلمية الحركة التظاهرية وعدم وجود أيديولوجيات، مشيرا إلى تلاحم المسلمين والمسيحيين، وأخلاق الإسلام والمسيح في الميدان. وأكد على المطالب الشرعية »للثورة« التي قال إنها حولت وجه مصر من »وجه أسود« إلى وجه تملأه العزة والكرامة والحرية، وقال »الكل جاء ليأخذ حقه المسلوب« مشددا على عدم الإساءة والرد على المسيئين بالحلم. وبدأت الحشود بالتوافد على ميدان التحرير مبكرا صباح أمس حيث رفع المحتجون شعارات تدعو لإسقاط الرئيس ورحيله ومحاكمته. وردد المتظاهرون هتافات تقول »يسقط يسقط حسني مبارك« و»ارحل ارحل زي فاروق الشعب منك بقى مخنوق« و»حسني مبارك باطل، وجمال مبارك باطل، الحزب الوطني باطل، لجنة السياسات باطل، والانتخابات باطل«. وأكد المتظاهرون في هتافاتهم شعبية وشبابية الثورة قائلين »ثورتنا ثورة شعبية، ثورتنا ثورة شباب« و»احنا شباب حنحرر مصر«. و»التغيير جاي وبأيدينا بلادنا راح ترجع لينا«. وقال نشطاء بميدان التحرير إن أعدادا كبيرة من المحتجين ظلت مساء أمس تتوافد على الميدان بمعنويات وصفوها بالعالية. وحذر القيادي بحركة كفاية جورج إسحق »البلطجية والمجرمين« من الهجوم على المتظاهرين، مطالبا الجيش بحماية المواطنين والمحتجين. وفي هذا السياق أشارت مصادر إلى أن البلطجية هاجموا حشودا من المتظاهرين المتوجهين إلى ميدان التحرير في الطريق الدائري، وأطلقوا الرصاص تجاههم. وقال شهود عيان إن البلطجية بمساعدة عربات تابعة للأمن احتشدوا للهجوم على ميدان التحرير، وإن المتظاهرين استطاعوا مواجهتهم قبل المضي في طريق مطالبهم حتى النهاية. وأكد الشهود وجود مجاميع من البلطجية مدعومة بقوى أمن تحت أعين الجيش تمنع وصول الدواء أو الغذاء إلى المحتجين، ووصل الأمر -وفق شاهدة- إلى رمي الإمدادات في نهر النيل، ومنع وصول الماء والغذاء والدواء للمحتجين. كما أفاد المحامي فوزي نصر من مدينة المنصورة أن خمسة محامين اعتقلوا على مشارف القاهرة من قبل عناصر الأمن ضمن المساعي المبذولة لمنع أي أحد من الأحياء والمدن القريبة من الالتحاق بالمتظاهرين. وكانت تقارير إعلامية قد أشارت إلى أن حصيلة المواجهات التي تواصلت أول أمس بين »بلطجية« مؤيدين لنظام مبارك والمحتجين بلغت عشرة قتلى، في وقت ذكرت فيه مصادر أن شخصين قتلا وأصيب ثلاثمائة آخرون في إطلاق نار على المتظاهرين بالميدان. وقد قام وزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي وقادة من القوات المسلحة بزيارة ميدان التحرير أمس. وقال محتجون إن طنطاوي كان يتفقد الجيش الذي يطوق الميدان بالدبابات والمدرعات لكنه لم يتدخل لمنع المتظاهرين من التجمع هناك. وفي الإسكندرية تظاهر أكثر من نصف مليون مواطن بعد أدائهم صلاة الجمعة في مسجد القائد إبراهيم وفق ما أفاد قطب حسنين من اللجنة التنسيقية لشباب الإسكندرية. وأشار إلى أن مئات الآلاف الآخرين قدموا من شرق الإسكندرية، لتجتمع المسيرتان في مظاهرة واحدة وسط المدينة، محذرا من مهاجمتها من قبل البلطجية قائلا إن المظاهرة إذا تعرضت للهجوم فستسير إلى القاهرة، حيث تراقب لجان شعبية الطرق المؤدية للمظاهرة. وبين حسنين أن حالة من التلاحم بين المسيحيين والمسلمين في الإسكندرية، حيث تؤمن لجان شعبية من المسلمين والمسيحيين المساجد والكنائس. وتشهد مدن أخرى مظاهرات مشابهة لما يحدث بالقاهرةوالإسكندرية، حيث تظاهر نحو مائة ألف بالإسماعيلية، ومثلهم بالزقازيق ودمنهور وفق مصادر صحفية. من جهة أخرى قال شهود عيان إن مسلحين مجهولين أطلقوا قذائف »آر. بي. جي« صباح أمس على مبنى مباحث أمن الدولة بمدينة العريش شمال شرق القاهرة مما أدى لاشتعال النار في المبنى، كما ألقيت قنبلة يدوية أمام مديرية أمن المحافظة التي توجد بالمدينة.