تتجه الجبهة الاجتماعية هذه الأيام نحو استعادة الهدوء مقارنة بالأسابيع الماضية سيما بعد لجوء عمال الشبه طبي وكتاب الضبط والطلبة الجامعيين إلى توقيف احتجاجاتهم موازاة مع القرارات الهامة التي أصدرها مجلس الوزراء والتي تخص أساسا ملفي التشغيل والسكن، ناهيك عن الفشل الذي انتهت إليه التنسيقية الوطنية من أجل التغيير والديمقراطية والتي لم تتمكن من استقطاب المواطنين للمسيرات التي حاولت تنظيمها على ثلاث مرات بالعاصمة. يبدو أن الحكومة قد بدأت تقطف ثمار حالة الاستنفار التي عاشتها مختلف الوزارات خلال الأيام الماضية وبالضبط منذ الاجتماع الأول لمجلس الوزراء بتاريخ 3 فيفري الماضي والذي انعقد بعد الاحتجاجات التي شهدتها الجزائر أيام 5، 6، 7 و8 جانفي الماضي، ومن بين هذه الثمار توقيف عمال الشبه طبي لإضرابهم الذي دام أكثر من أسبوعين والذي رافعو من خلاله لصالح إدماج هذه الفئة في الصنف 11 بدل صنف 10 وإدراج التكوين شبه الطبي في نظام »أل أم دي«، أي التعليم الجامعي ليسانس، ماستر، دكتوراه، ناهيك عن الإصدار الفوري للقانون الخاص، وهي المطالب التي استجابت إليها وزارة الصحة وتعهدت في محضر كتابي بتجسيدها في أقرب الآجال. وبدورهم لجأ كتاب الضبط إلى توقيف احتجاجهم الذي دام أسبوعا بعدما تم التكفل بمطالبهم على غرار باقي موظفي قطاع العدالة وهو ما تجسد عبر المرسوم التنفيذي رقم 11- 88 المؤرخ في 22 فيفري الجاري والذي تضمن النظام التعويضي لمستخدمي أمانات الضبط للجهات القضائية إضافة إلى إنشاء نظام تحفيزي يستفيد منه موظفو أمانات الضبط بدون تمييز ومن شانه أن يُحسن الوضعية المهنية لهذه الفئة، وهو نفس الشيء الذي حدث مع طلبة الجامعة الذين أوقفوا بدورهم احتجاجاتهم التي شملت مختلف الجامعات بعد إقرار مجلس الوزراء المجتمع يوم الثلاثاء الماضي إعادة الاعتبار لشهادة مهندس. التوجه نحو التهدئة الاجتماعية لم يقتصر على ما سبق ذكره، بل تجسد كذلك في لجوء رئاسة الجمهورية بدورها إلى استقبال النقابات المستقلة التي تنشط بقطاع الصحة العمومية وهو اللقاء الذي عُقد مساء أمس وجاء بعد اتصال الأمانة العامة للرئاسة بالأمناء العامين لهذه النقابات نهاية الأسبوع الماضي، علما أنها المرة الثانية التي تلجأ فيه رئاسة الجمهورية إلى استقبال النقابات المُستقلة. من جهتها، قررت أمس التنسيقية الوطنية لموظفي المصالح الاقتصادية لقطاع التربية تعليق الوقفة الاحتجاجية التي كان من المقرر تنظيمها اليوم أمام مقر الوزارة الوصية بعدما تم الاستجابة لمطالبها المتعلقة أساسا بملف الأجور وذلك خلال اللقاء الذي جمع ممثليها مع الوزير بن بوزيد يوم الخميس الماضي. موازاة مع ذلك نُسجل الاهتمام الخاص الذي أولته الحكومة هذه المرة وبالضبط منذ احتجاجات مطلع جانفي الماضي لفئة الشباب البطال ولملف السكن بحيث أكد لنا العديد من الشباب الذين تحدثوا إلينا أن طريقة التعامل معهم على مستوى وكالات التشغيل تغيرت تماما عما كانت عليه سابقا، ويُرتقب في هذا السياق أن تشهد هذه الفئة اهتماما أكثر خلال الأشهر المقبلة سيما بعد الإجراءات الهامة التي خرج بها اجتماع مجلس الوزراء الأخير والذي أقر تسهيلات غير مسبوقة في مجال التشغيل. وتأتي هذه المستجدات في الوقت الذي فشلت فيه التنسيقية الوطنية من أجل التغيير والديمقراطية التي لم تتمكن من استقطاب المواطنين لمسيرتها التي حاولت تنظيمها على ثلاث مرات بالجزائر العاصمة وهو فشل يُبين أن الجزائريين غير مستعدين في الوقت الحالي للرهان على احتمالات تبقى دون عنوان.