لم يكن حديث رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، عن عزمه إجراء إصلاحات سياسية، في رسالته المخلدة لعيد النصر، سوى تأكيدا على نية السلطات العليا للاستجابة لمطالب التغيير التي تعالت في الآونة الأخيرة، حيث تقاطع حديث الرئيس عن الإصلاحات السياسية مع تلك التسريبات الإعلامية المركزة والتي تتحدث عن مشروع شامل يتم التشاور حوله لإصلاح سياسي عميق، وفي هذا الإطار قالت مصادر مطلعة ل»صوت الأحرار«، إن مشروع الإصلاح الذي يرتقب أن يكشف عنه الرئيس، بدأ يأخذ ملامحه النهائية، وأن الإعلان عن حكومة إصلاح سياسي بات قريبا. تتحدث أوساط سياسية، عن خطوات عملية للإصلاح السياسي يحضر للإعلان عنها من قبل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وهي خلاصة للمشاورات الواسعة التي باشرها رئيس الجمهورية مع أركان النظام، والشخصيات الوطنية، حيث وقع الاتفاق المبدئي بين كبار المسؤولين، على مراجعة شاملة وعميقة لدستور 1996، الذي لم يعد يساير التحولات التي يشهدها المجتمع، في »جزائر ما بعد الإرهاب«. وبخصوص طبيعة النظام السياسي المرتقب، أوضحت مصادرنا، أن الرؤية ما تزال متباينة بين مختلف الأطراف حول النظام البرلماني الذي تنادي به أغلب الأحزاب السياسية، حيث يعارض التجمع الوطني الديمقراطي هذا التوجه بدعوى أن الوقت لم يحن لاعتماد النظام البرلماني الذي يمنح صلاحيات واسعة للأحزاب السياسية في إدارة الشأن العام من خلال تكريس الحكومة المنتخبة من قبل الأغلبية وإعادة الاعتبار للبرلمان كمؤسسة تشريعية تجسد سلطة الشعب، أما بالنسبة لحزب جبهة التحرير الوطني، فترى مثلما جاء في حوار للمكلف بالتنظيم عياشي دعدوعة أن أي نظام له إيجابياته، فالمهم بالنسبة للأفلان، يتمثل في الحفاظ على الثوابت والنظام الجمهوري وغيرها من المبادئ التي تشكل روح الدولة الجزائرية. وحسب المعلومات التي بحوزتنا، فإن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، سيفصل في هذه المسألة من خلال المشروع الذي سيكشف عنه قريبا، ولم تستبعد مصادرنا أن يرجح الرئيس خيار النظام البرلماني، وفي نفس الإطار لم تتأكد بعد الخطوة الثانية والمتعلقة بحل المجلس الشعبي الوطني، وإن كان الرأي الغالب يتجه إلى ترك البرلمان الحالي يستكمل عهدته التي تنتهي الثلاثي الأول من السنة المقبلة، وترى مصادرنا أن استبعاد حل البرلمان يعود إلى كثافة الرزنامة السياسية، حيث يأخذ النقاش على الدستور الجديد وقتا، ثم التحضير المادي والإداري والسياسي للاستفتاء الشعبي على الدستور الجديد، ثم مراجعة عدد من القوانين وتكييفها مع مواد الدستور الجديد ومنها قانون الأحزاب والانتخابات والإعلام وغيرها من القوانين التي لها علاقة مباشرة مع الحياة السياسية، من جهة أخرى لم تستبعد العديد من الأطراف لجوء الرئيس إلى تغيير الجهاز التنفيذي وتشكيل حكومة إصلاحات سياسية، خاصة وأن رسالة الرئيس أكدت أن الإصلاح السياسي سيكون خلاصة للإصلاحات التي عرفتها قطاعات عديدة منها التربية والعدالة وهياكل الدولة، وحتى برامج التنمية الوطنية الشاملة، تندرج في تحضير الأرضية الاجتماعية والاقتصادية للإصلاح المنشود.