أكد قاسة عيسي، عضو المكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني المكلف بالاتصال، أن الجزائر تعيش في زمن وفي منطقة تعرف تحولات عميقة، ولا يمكنها أن تظل في معزل عن هذه التحولات التي تستدعي إصلاحات سياسية ذاتية في إطار مؤسسات الدولة بعيدا عن املاءات بعض القوى المهيمنة التي تسعى لفرض خرائط جاهزة على المنطقة تخدم مصالحها بالدرجة الأولى. جدد القيادي في الأفلان في اتصال هاتفي معه أمس موقف الحزب العتيد الرافض لمقترحي المجلس التأسيسي وحل البرلمان الذي تدعو إليه بعض القوى السياسية، واصفا مطلب المجلس التأسيسي بالقديم المتجدد، ومذكرا أن هذا المقترح طرح في مرحلة تحول النظام في الجزائر من نظام مبني على الحزب الواحد إلى نظام تعددي، وقال إن الرد كان واضحا من خلال دستور 23 فيفري الذي أقرّ التعددية السياسية. وأشار قاسة في الوقت نفسه إلى أن الأحزاب التي كانت تنادي بهذا المجلس اندمجت في الحياة السياسية وشاركت في مختلف المواعيد السياسية منذ ذلك الوقت سواء كانت محلية أو تشريعية أو حتى رئاسية، وهو ما يجعل مطلب المجلس التأسيسي مثلما يذهب إليه محدثنا يفتقد المدلول السياسي وأن الجزائر تطورت وانطلقت وهي اليوم تتجه إلى التعديل الرابع للدستور والعودة إلى نقطة الصفر غير منطقية وتدعو إلى التساؤل فيما إذا كانت الجزائر لم تستخلص العبر طيلة 50 سنة من عمر الاستقلال. وفي سياق موصول بالإصلاحات السياسية التي تترقبها الطبقة السياسية بعد إعلان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في رسالته التي وجهها في ذكرى عيد النصر في 19 مارس الفارط، ذكّر المكلف بالاتصال في قيادة الأفلان، بمواقف الحزب العتيد الداعية إلى مراجعة عميقة لدستور 1996، الذي كان تتويجا لندوة وطنية شاركت فيها كل الفعاليات الوطنية كما جاء في ظرف عسير كمخرج للأزمة التي كانت تعرفها البلاد، وأن التعديلات التي أدخلت على هذا الدستور فرضتها ظروف مرحلية سواء بالنسبة لدسترة الأمازيغية أو بالنسبة للتعديلات الأخيرة التي سمحت بترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة جديدة لاستكمال برنامجه الانتخابي الذي شرع فيه منذ سنة 1999 والذي سمح للبلاد بتحقيق قفزات نوعية في عدة مجلات. وفي المقابل، يوضح قاسة عيسي أن الجزائر تعيش اليوم في زمن وفي منطقة تعيش تحولات عميقة ولا يمكنها أن تظل معزولة عن هذه التحولات الإقليمية التي تفرض اليوم على الجزائر المبادرة بإصلاحات سياسية تستجيب لتطلعات الشعب الجزائر ولا سيما الشباب منه الذي يمثل ما يقارب 75 بالمائة، وهي فئة يضيف المتحدث نشأت في فترة تميزها التعددية السياسية للبلاد، والانفتاح الإعلامي والعولمة مما جعله منفتحا على العالم. ويذهب المتحدث إلى أن الشباب الجزائري وإن كان في الظاهر يرفع مطالبا اجتماعية إلا أنه من الخطأ أن لا تقدم قراءة سياسية لهذه المطالب، بالنظر إلى العلاقة الوثيقة والجدلية بين القضايا المجتمعية والمبادرات السياسية، وقال إن كل ما يجري في الجوار من مستجدات تدعو إلى التفكير بعمق في الخطوات المقبلة، خاصة في ظل وجود قوى مهيمنة تحاول إملاء إفرازات معينة وتقديم خرائط جاهزة للمنطقة انطلاقا من مصالحها الخاصة، وهو ما يستدعي من وجهة نظر القيادي في الأفلان إصلاحات سياسية ذاتية في إطار مؤسسات الدولة هدفها الأول تعميق الممارسة الديمقراطية.