أصبحت منطقة الشريعة في الآونة الأخيرة الوجهة المفضلة للعديد من الأسر والعائلات الجزائرية التي وجدت فيها المكان الأنسب للهروب من ضوضاء ومشاكل المدينة والتمتع بالراحة والاستجمام والسكينة، فميزاتها السياحية من تنوع بيئي وثراء طبيعي خلاب زاد من توافد الزوار عليها من كل حدب وصوب وهو ما ترجمه العدد الهائل من السيارات التي تقصد المنطقة خاصة عند نهاية كل أسبوع. بحثا عن المتعة وكسرا للروتين الذي بات يطبع الحياة في المدن وجدت العديد من الأسر والعائلات الجزائرية خلال هذه الأيام الربيعية في غابة الشريعة متنفسا لها بعد أسبوع شاق مع ضغوطات الحياة ومتطلباتها التي لا تنتهي، فاستتباب الأمن الذي عاد للمنطقة بعد غياب دام سنوات طوال أعاد الحياة لها من جديد وجعلها قبلة للزوار من مختلف أرجاء الوطن وحتى الأجانب الذين لم يفوتوا فرصة تواجدهم بالجزائر دون زيارتها واكتشاف ما تزخر به المنطقة من كنوز طبيعية جعلتها وجهة مفضلة لمن يرغب بتغيير الجو، والترويح عن النفس وقبلة سياحية بامتياز. ولعل أول ما يلفت انتباه الزائر للشريعة ومنذ الوهلة الأولى هو ذلك الكم الهائل من السيارات التي تتوافد على المكان وحتى الحافلات التي حملت لوحات ترقيمها مناطق مختلفة من الوطن كالعاصمة، تيبازة ، بومرداس، المدية و... مشكلة بذلك طوابير طويلة دفعت الكثيرين إلى ركن سياراتهم على حافة الطريق والاكتفاء بالفرجة ولو من بعيد، الشيء الذي ساهم في خلق حركية نشطة ومكثفة على جميع الأصعدة. عائلات بكبيرها وصغيرها فضلت استغلال نهاية الأسبوع بشد الرحال نحو هذه المنطقة الغابية الخلابة والبعيدة عن كل ما يعكر صفو المزاج للتمتع بجو ربيعي جميل زادته لوحات ومناظر طبيعية سياحية ساحرة جمالا وروعة، تجمعات عائلية منتشرة هنا وهناك بين المرتفعات والمنحدرات بعضها افترشت الأرض بأشهى الأطباق والمشروبات والمكسرات التي حرصت ربات البيوت على تحضيرها مسبقا في المنزل، والبعض الأخر فضّل خلق جو أكثر متعة باصطحاب آلات الشواء مختلفة الأحجام لطهي شتى أنواع اللحوم والأسماك التي عبقت رائحتها المكان، مع التقاط أحلى وأجمل الصور التذكارية فشكلت بذلك جانبا مغايرا من الاستمتاع والاستجمام وسط بساط أخضر متنوع، منفرد واستثنائي، في حين فضل آخرون الاعتماد على شراء ما تقدمه بعض المطاعم المتواجدة بالمكان من »سندوتشات« وأطعمة مختلفة والتي تحرص وتسعى بدورها لاستقطاب الزوار والعائلات بتوفير مختلف الخدمات. جانب آخر من الزوار لم يدفعهم التنزه والاستجمام لزيارة المنطقة وإنما كان سبب تنقلهم إليها هو التداوي، خاصة أولئك الذين يعانون من أمراض تنفسية كمرضى الربو، وهذا لما تتميز به مرتفعات الشريعة من هواء نقيّ الذي يعود بالأثر الإيجابي على صحة البدن، بعدما نصحوا من قبل الأطباء بذلك، وباعتبارها غنيّة بأنواع مختلفة من الأشجار والنباتات النادرة التي امتزجت روائحها بهوائها المنعش فكان بذلك الحل الأمثل لهؤلاء. كما أن للباعة المتجولين نصيب أيضا من تلك الأجواء الاستثنائية، حيث وجدوا فيها مكانا للاسترزاق ومهنة ممتعة من خلال ممارسة بعض الأنشطة التجارية التي توفر وتقدم خدمات مختلفة وإن تميزت بالبساطة بين بيع الفول السوداني المحمص والذرى المشوية والتفنن في تحضير الشاي بنكهته الصحراوية إلا أنها أضفت على هذه المنطقة العذراء وعلى قاصديها ديكورا زادها من المتعة ما لا تضاهيه متعة في أي مكان آخر.