تصريح وزير الداخلية دحو ولد قابلية بأن العلاقات بين الجزائر وليبيا ستسوء في حال وصل من يسميه بعض الإعلام العربي ب »الثوار« إلى السلطة، مبني على معطيات تؤكد بأن الغرب يحضر لوضع »قارضاي« جديد على رأس ليبيا، وإيجاد نظاما منبطحا معاديا للجزائر وتوجهاتها الوطنية والقومية. وعليه فإن التركيز على الجزائر وجبهة البوليساريو في مسالة الاتهامات التي يرددها أعضاء ما يسمى بالمجلس الانتقالي في ليبيا، ومن يخدم نفس السيناريو من الأمريكيين والفرنسيين، يعطي تصورا واضحا عن طبيعة النظام الذي تحضره واشنطن ولندن وباريس وروما في طرابلس كبديل لنظام العقيد معمر القذافي، نظام على شاكلة الأنظمة المنبطحة التي يعج بها العالم العربي، أنظمة ليست معنية ب »ثورات الوكيليكس« التي يرعاها الحلف الأطلسي واستخبارات دوله مباشرة من بنغازي. المؤكد أن وراء رواية المرتزقة وما ارتبطت بها من مزاعم حول تورط الجزائر في دعم نظام العقيد معمر القذافي، النظام المغربي الذي يحرك أذنابه في العواصمالغربية لتضييق الخناق على الجزائر، أملا في أن يتهاوى نظام معمر القذافي ويأتي بدله نظام عميل للغرب وأمريكا يعادي الجزائر ويساهم في حصارها من جهة الشرق، لكن ما يفعله النظام المغربي ليس تصرفا فرديا بل مساهمة خبيثة من مخابر الرباط في تكريس سيناريو جهنمي يستهدف الجزائر وسيادتها واستقرارها. وبطبيعة الحال فإن الترويج لما سمي بمشاركة عناصر من البوليساريو في الحرب في صف كتائب القذافي هو من صنع الدعاية المغربية أيضا، والهدف هو تشويه لصورة النضال الصحراوي، وإلحاق جبهة البوليساريو بالقذافي أملا في أن تنتهي من الوجود بمجرد انتهاء الحلف الأطلسي من النظام في طرابلس. ومثل هذه الرواية المتخلفة وسيئة الإخراج تذكرنا بالمسرحية المغربية القديمة- الجديدة حول مزاعم عن »علاقة جبهة البوليساريو بتنظيم القاعدة«، والأكاذيب المغربية التي رددها حتى العاهل المغربي محمد السادس كان هدفها »شرعنة« القمع المغربي ضد الصحراويين، ومصادرة الحق الصحراوي بدعوى أن قيام دولة مستقلة في الصحراء الغربية يهدد المنطقة، وقد تكون هذه الدولة ملاذا آمنا لتنظيم »القاعدة« حسب الوساوس الشيطانية التي غزت رؤوس المسؤولين في الرباط. أمريكا وحلفاؤها يريدون إطلاق يد النظام المغربي في الصحراء الغربية، فهذا النظام يوفر لهم ما توفره إمارات المشرق العربي ولو دون نفط أو غاز، فالمغرب كان وسيظل مرتكزا للإستراتيجية الأمريكية والفرنسية بمنطقة المغرب العربي، والمطلوب فقط هو أن تفرخ »الثورة« على القذافي نظاما شبيه بالنظام المغربي، أو أسوء منه، نظام يبسط الأراضي الليبية أمام جحافل الأمريكان والبريطانيين والفرنسيس، ويضع خيرات ليبيا وفي مقدمتها النفط بين أيدي هؤلاء، فهؤلاء هم أدرى حتى من النظام الليبي نفسه عما يختزنه باطن جماهيرية القذافي من خيرات ومن مخزون من البترول القادر على ضمان مد الغرب بالطاقة حتى في حال نشوب حربا بمنطقة الشرق الأوسط، وهذه الحرب محتملة جدا في ظل الإصرار الإيراني على تحدي واشنطن وإسرائيل وكل الدول الغربية التي يقلقها البرنامج النووي الإيراني بغض النظر عن طابعه السلمي أو العسكري. وحسب مهدي داريوس نازيمورويا، الخبير في الشؤون الإفريقية والشرق الأوسط، فإن أمريكا وفرنسا وبريطانيا خططوا لبلقنة ليبيا وتقسيمها إلى دويلات صغيرة متناحرة، مؤكدا بأن هذا التقسيم ليس وليد اليوم بل يعود إلى سنة 1951، ويقضي بتجزئة ليبيا إلى ثلاثة مقاطعات تخضع كل مقاطعة لنفوذ دولة من الدول المذكورة، ولعل أهم نقطة هنا والتي أشار إليها الخبير المذكور وهو ما تعلق بسعي واشنطن إلى إقامة مقر لقيادة عسكرية موحدة والتي تسمى اختصارا ب »الأفريكوم« فوق التراب الليبي، علما بأن طرابلس كانت تعارض فكرة زرع هذه القاعدة في أي بلد من البلدان الإفريقية.