شكك فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الوطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في نجاح إصلاح المنظومة القضائية وأن هذا المشروع ما يزال يعرف الكثير من النقائص لاسيما فيما تعلق بقضية الحجز الاحتياطي أو المؤقت، الذي اعتبره مساسا بكرامة المواطن، كما اعتبر قسنطيني الطعون التي ترفعها النيابة العامة ضد أحكام البراءة التي يصدرها القضاة مبالغ فيها جدا. ناقش حقوقيون في حصة »حوار الساعة« التي يبثها التلفزيون الجزائري، أمس الأول، وفي مقدمتهم فاروق قسنطيني والمحامي ميلود إبراهيمي ورئيس النقابة الوطنية للقضاة جمال عيدوني نتائج مشروع إصلاح المنظومة القضائية ومستجداته في ظل المشاورات حول الإصلاحات السياسية التي يشرف عليها عبد القادر بن صالح. وأشار الحقوقيون إلى المعاناة التي يعيشها المتقاضون بسبب النقائص الموجودة والتي كانت سببا في عدم الفصل في العديد من الملفات القديمة على مستوى المحاكم ومجالس القضاء، التي تصدر في كثير من الأحيان قرارات غامضة وغير واضحة من جهة، ومن جهة أخرى إلى الضغط الموجود على القضاة. وقال فاروق قسنطيني أنه من الصعب على القاضي أن يعالج مئات القضايا في اليوم، كما أن بعض القضاة حسبه يفتقرون إلى الخبرة الكافية في تسيير المجالس وطرق معالجة القضايا المعقدة والفصل فيها، فضلا عن »تمييع« القضايا. وذكر قسنطيني على سبيل المثال الجرائم المتعلقة بتكوين جمعيات أشرار، مشيرا أن هذه الأخيرة تخص مكوّنيها وليس المتورطين فيها، وكذلك تماطل العدالة في الفصل في القضايا، وهذا ما يمدد مدة الحبس الاحتياطي أو المؤقت للمتهم الذي تجعله، كما قال: »يرشى في الحبس«، وفي النهاية تظهر براءته دون تعويضه عن الأضرار التي تلحق به بعدما تعرضت سمعته إلى التشويه عبر وسائل الإعلام. ودعا قسنطيني الجهات المختصة إلى إعادة النظر في مدة الحبس الاحتياطي طالما البديل موجود وهو وضع المتهم أو المشكوك فيه تحت الرقابة القضائية إلى حين تثبت إدانته، وهذا الحل من شأنه أن يحفظ كرامة المواطن. من جهة أخرى شكك الحقوقيون في قضية الإفراج الشروط، وأن أقلية فقط تستفيد على هذا الإفراج لأسباب مجهولة، مثلما ذهب في ذلك المحامي ميلود إبراهيمي، الذي أشار إلى أن بعض القضاة لا يحترمون المادة 123 من قانون الإجراءات الجزائية التي تلزم القاضي احترام 4 شروط، لكن هذه الشروط لم تحترم إلى اليوم، وهذا يعد ضربا للحريات. من جهته أكد جمال عيدوني رئيس النقابة الوطنية للقضاة أنه في لقائه مع عبد القادر بن صالح ركز على العديد من النقاط التي تخص إصلاح المنظومة القضائية، ومنها تعزيز استقلالية القضاء، والفصل بين السلطات وغير ذلك. وقال عيدوني أن إصلاح قطاع العدالة بدأ منذ 2000، وعرف تحسنا كبيرا من حيث تقريب المواطن من العدالة وعصرنة هذه الأخيرة، لكن ما يعانيه قطاع العدالة أضاف عيدوني هو نقص القضاة، حيث يوجد سوى 4050 قاض على المستوى الوطني، مشيرا إلى أن حاجة هذا القطاع تتطلب على الأقل 15 ألف قاض. وبشأن مسالة الحجز المؤقت أوضح رئيس النقابة الوطنية للقضاة أنه لا يمكن تطبيق سياسية الإفراج المؤقت على كل المتهمين، طالما هناك قضايا خطيرة ومرتكبيها يتصفون بالخطر، ووجودهم خارج الحجز الاحتياطي قد يهدد أمن المواطن وأمن الدولة ككل. للإشارة فإن عدد المجوزين على المستوى الوطني وصل إلى حدود 50 ألف محجوز في مختلف الجرائم، 11 بالمائة منهم محبوسون مؤقتا، أي بمعدل 5500 شخص رهن الحبس المؤقت، وبين 12 و 20 في كل ولاية، وقال عيدوني أن قضية الحبس الاحتياطي لا يمكن التحكم فيها بمواد، وقاضي التحقيق هو من له السلطة في ذلك.