حسم تنظيم »القاعدة« في أمر خليفة زعيم التنظيم أسامة بن لادن، وأعلن عن تعيين الرجل الثاني في الحركة المصري الدكتور أيمن الظواهري في منصب »مسؤول إمرة الجماعة«، ويعرف الزعيم الجديد »للقاعدة« بتشدده، وهو ما يطرح عدة تساؤلات حول مستقبل النشاط الدولي للتنظيم، والانعكاسات المتوقعة على نشاط »تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي« محليا، أي داخل الجزائر أو على المستوى الإقليمي وتحديدا بمنطقة الساحل الصحراوي. أكد بيان منسوب لتنظيم »القاعدة«، نشر أول أمس على موقع إسلامي تولي المصري أيمن الظواهري »مسؤولية إمرة الجماعة« خليفة للزعيم السابق للتنظيم أسامة بن لادن الذي قتل الشهر الماضي بباكستان على يد فرقة كوموندو تابعة للجيش الأمريكي، ولم يفاجئ القرار جل المراقبين على اعتبار أن الظواهري شغل منذ سنوات منصب نائب لبن لادن، وأشرف شخصيا على العديد من العمليات التي نفذتها »القاعدة« بمناطق متفرقة من العالم. علما أن الظواهري كان قد توعد في بداية جوان الجاري بالمضي في حملة »القاعدة« على الولاياتالمتحدة وحلفائها، مع العلم أنه يظل مكان هذا الرجل غير معلوم، وتعتقد أجهزة استخبارات غربية بأنه يختبئ في منطقة على الحدود بين أفغانستانوباكستان. وفي واشنطن التي تعرض مكافأة قدرها 25 مليون دولار لمن يدلي بأي معلومات تقود للقبض عليه أو إدانته، قال مسؤول كبير أن »الظواهري سيواجه أوقاتا صعبة في قيادة التنظيم مع تركيزه على سلامته الشخصية«، وأضاف »لم يظهر قيادة قوية أو مهارات تنظيمية خلال نشاطه بالقاعدة .. بخلاف الكثير من كبار مقاتلي القاعدة لا يملك الظواهري خبرة قتالية حقيقية لكنه اختار أن يكون جنرالا غير مقاتل له صورة ناعمة«. وقال ساجان جوهل من »مؤسسة أسيا والمحيط الهادي للاستشارات الأمنية« أن الظواهري كان مسؤولا بشكل خاص عن »القاعدة« لسنوات لكنه يفتقر لحضور بن لادن و»قدرته على توحيد الفصائل العربية المختلفة تحت مظلة التنظيم«، وقال فواز جرجس وهو خبير في شؤون الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد أن مقاتلي »القاعدة« في جنوب أسيا مطاردون وقادتها مختبئون ولن يستطيع الزعيم الجديد فعل الكثير لإعادة التنظيم إلى سابق عهده. وسبق للتنظيم أن نشر بيانا مباشرة بعد مقتل بن لادن جاء فيه أن تنظيم »القاعدة« أجرى حزمة تعيينات قيادية، خلال اجتماع عقد قرب الحدود الباكستانية الأفغانية، وأشارت إلى أنها المرة الأولى التي يجهر فيها تنظيم »القاعدة« بالتعيينات التي يجريها على قياداته، وذكر من بينها تعيين المصري سيف العدل، وهو ضابط سابق في القوات الخاصة، قائما بأعمال التنظيم، وجاء ذلك بعد أسبوع من مقتل زعيم التنظيم بن لادن بباكستان، كما عيّن التنظيم كل من محمد مصطفى اليمني قائدا للعمليات وعدنان الخيري المصري مسؤول القيادة العامة، ومحمد ناصر الوحشي مسؤول التنظيم في أفريقيا، في حين أصبح محمد آدم خان الأفغاني مسؤول التنظيم في كل من باكستانوأفغانستان، وفهد العراقي مسؤول التنظيم على الحدود الباكستانية-الأفغانية. وخلافا لقناعة المسؤول الأمريكي، قال حذيفة عزام الذي رافق بن لادن سابقا، لوكالة الأنباء الفرنسية إن أيمن الظواهري هو الذي يقود فعليا تنظيم »القاعدة« متوقعا أن يصبح التنظيم أكثر تشددا بعد مقتل زعيمه وأوضح نجل عبد الله عزام، الأب الروحي لبن لادن »إن لولايات المتحدة قتلت أسامة بن لادن وأتت لنا بشخص أكثر تطرفا هو الظواهري«. ويعتبر الخبير بشؤون القاعدة نعمان بن عثمان، وهو قائد سابق في الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة وشغل منصب معاون لبن لادن، ويعمل الآن محللا لدى مؤسسة كويليام البحثية البريطانية، أول الذين تكهنوا بتولي الظواهري منصب زعيم »القاعدة« خلفا لبن لادن، وصرح بأن تعيين سيف العدل الذي شغل منصب رئيس جهاز الأمن في تنظيم »القاعدة«، هو »بشكل مؤقت وأنه لا يتولى دور قائد، وإنما يتولى القيادة في شؤون العمليات والنواحي العسكرية، .. وإن سيف العدل كان يشغل بالفعل دورا قريبا من رئيس أركان التنظيم حتى قبل مقتل أسامة بن لادن«، مضيفا بأن اختيار سيف العدل زعيماً مؤقتاً »للقاعدة«، يُعد خطوة باتجاه الإعداد لمبايعة شخص آخر من خارج الجزيرة العربية لتولي قيادة التنظيم خلفاً لبن لادن، رجح أن يكون أيمن الظواهري، لتنتقل زعامة التنظيم إلى المصريين وتخرج من الجزيرة العربية. ويعود التساؤل مرة أخرى عن الانعكاسات المحتملة تعيين الظواهري خلفا لبن لادن، على إستراتيجية »القاعدة«، وكل التنظيمات الإرهابية المرتبطة بها، خاصة الفرع المغاربي الذي يقوده عبد الملك درودكال، فشخصية الظواهري التي يغلب عليها التطرف تدفع إلى الاعتقاد بأن »القاعدة« سوف تسعى لتكيف عملياتها خاصة ضد بالمصالح الأجنبية، وفي الجزائر، يتوقع المتتبعون أن يسعى تنظيم »القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي« للعودة إلى النشاط بقوة سواء داخل الجزائر أو على المستوى المحلي أو بمنطقة الساحل الصحراوي، خاصة في ظل الأوضاع الأمنية المواتية في الجارة ليبيا.