"إذا انضمت تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، فإن حدود الاتحاد الخارجية ستمتد إلى دول أخرى تشكل خطرا أمنيا كبيرا، منها أنها تمثل مصدرا لأعداد كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين، خاصة سوريا وإيران والعراق"، هذا هو رأي الأوروبيين، وهو تكرار لموقف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي قال ذات مرة إنه لا يتخيل أن تكون لأوروبا حدود مع سوريا. المشكلة ليست في الهجرة غير الشرعية، أو الجريمة المنظمة، ولا في تجارة المخدرات، فكلما حققت تركيا مطلبا أوروبيا وجدت نفسها أمام مطالب جديدة، والشرط الجديد المتعلق بالهجرة غير الشرعية الهدف منه إغلاق باب الاتحاد في وجه أنقرة، لأن دول الاتحاد الأوروبي نفسها فشلت في وضع حد للهجرة السرية إلى درجة أن فرنسا وإيطاليا اقترحتا مراجعة اتفاقية شنغن للسيطرة على الموقف. السبب الأساسي الذي يحول دون انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي هو اختلافها الثقافي، فكون أغلبية الأتراك مسلمين، ويحكمهم حزب يرفع الشعارات الإسلامية، سبب كاف لصد أبواب الاتحاد في وجه هذه الدولة التي تطمح إلى لعب دور إقليمي أكثر نشاطا، وقبل سنوات كان الفاتيكان قد عبر عن موقفه بصراحة عندما نصح الأتراك بالتوجه شرقا، حيث محيطهم الطبيعي، بدل الإصرار على طرق باب أوروبا الذي لن يفتح أبدا، ومع ذلك تلح أنقرة في طلب الانضمام غير عابئة بالشروط التعجيزية التي تأخذ في كل مرة شكلا جديدا. الدين والثقافة والهوية هي المحددات الأساسية للتكتلات في عالم اليوم، هذه هي الحقيقة التي أسقطت أكذوبة التحالفات الاقتصادية التي جرى تسويقها في ثمانينيات القرن الماضي، فالأموال أيضا أصبحت لها رائحة ولون، وتركيا التي يمكن أن تقدم إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، مثلما قدمت إضافة إلى حلف شمال الأطلسي لا يراد لها أن تكون جزء من منظومة أوروبية تبحث عن النقاء العرقي والانسجام الثقافي الذي أفسده ملايين المهاجرين من أصول غير أوروبية وهم الآن يضعون مبادئ الحرية والعدالة والمساواة أمام امتحان عسير.