أكد عبد العزيز بلخادم الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني أن آثار حوار الثقافات والأديان تكاد تكون منعدمة، داعيا نقل الحوار إلى عامة الناس والمجتمعات من أجل الوصول إلى تكامل إنساني، كما قال بأن العلاقات الصدامية ناتجة عن المصالح والسياسية وهي التي ينبغى إعادة النظر فيها. أعرب بلخادم، خلال الندوة الفكرية التي نظمها مركز الدراسات والتحليل والاستشراف لحزب جبهة التحرير الوطني حول »تأثير حوار الثقافات والأديان في العلاقات الدولية« بإقامة الميثاق، عن أسفه لانعدام آثار حوار الحضارات بالنظر إلى الواقع المعاش، مؤكدا ضرورة معرفة حقيقة حوار الثقافات والأديان ومدى تأثيره وإلى أين سيؤدي، مذكرا بما شهده القرن الماضي والذي يعتبر أكثر القرون دموية في تاريخ البشرية. وأوضح الأمين العام للأفلان أنه مع حلول الألفية الثالثة كانت مبادرة للتفاعل بين المنتمين لمختلف الثقافات والحضارات والأديان، ثم تلت هذه المبادرة ما أقدم عليه رئيسا وزراء إسبانيا وتركيا في تحالف الحضارات، متسائلا عن نتائج هذا الحوار ومدى تأثيرها في العلاقات الدولية، وأشار بلخادم إلى الالتفافات التي قام بها رؤساء الولاياتالمتحدةالأمريكية والمتعلقة بتنظيم إفطار خلال شهر رمضان، والتي قال بشأنها »إن هذه الالتفافات لا ترقى إلى تغيير واقع العلاقات بين مختلف الحضارات«. وفي ذات السياق، تساءل بلخادم قائلا» لماذا يتحدث البعض عن صدام الحضارات «، متطرقا إلى الحديث عن المدارس المستشرقة وفكر محمد أركون وموقفه من صدام الحضارات، مؤكدا أن هناك الكثير ممن يصدرون أحكاما انطلاقا من الرؤى التي تسوق لهم، وأضاف بأن الصدام الحاصل بين العالم الإسلامي والغرب لا يزال قائما، حيث ذكر بأن الصدامات الدموية بين المسلمين وغير المسلمين بلغت 18 صداما من أصل 25. وبخصوص فكر أركون واقترابه من النظرة المتطورة للفهم في العلاقة بين الدين والمال، اعتبرها بلخادم مختلفة عن الفكر الذي يسوق في فرنسا عن العلمانية، مؤكدا أن ما يسمونه حرية الفكر والحرية التعبير هو مقترن بمزاج، مذكرا بما شهده العالم الإسلامي عندما نشرت الرسوم المسيئة للرسول والتي قال عنها الغرب بأنها حرية فكر، مشددا أنه في حال ما إذا قال المثقفون رأيهم في بعض القضايا التي لا تتماشى مع أهوائهم فإنهم يثورون ويعتبرونها أصولية وتطرف. وأوضح الأمين العام للأفلان أنه لا بد من التذكير بأنه لم يعد مقبولا حصر الإسلام في تجليات بعض السلوكات والتصرفات لبعض الأفراد والحركات بما فيهم علماء الإسلاميات، حيث أشار إلى وجود فئات توظف مغالطات فكرية تسيء للإسلام وهو ما يعكس نجاح الكتب المتطرفة. وعاد بلخادم إلى الحقبة الاستعمارية ليذكر بأن الاستعمار كان دائما مصحوبا بمجموعة من المستبشرين في عملية للتنصير، مضيفا بأنه بعد استقلال الدول ظهرت لدى المستشرقين رغبة للعب دور جديد ضمن المنظورات التي فتحتها سياسيات التعاون بين الدول، وبعد أحداث أكتوبر 1973 أخذت المسألة بعدا سياسيا وخرجت من النطاق الثقافية. وأكد بلخادم أنه لا يمكن اختزال الإسلام في أبعاد إيديولوجية وتغييب البعد الجمالي للإسلام، مستشهدا بالأديب الألماني غوتا الذي أشار إلى تأثر الدول الاستعمارية بالمستشرقين، مذكرا بموقف ألمانيا من الحروب الصليبية ووصولا إلى تدخل الناتو في ليبيا كما أنها تحفظت تجاه الدعوى البابوية الصليبية في وقتها. وشدد بلخادم على أن صدام الحضارات تزامن من خلال آليات العولمة في العالم الإسلامي مع تشويه غير مسبوق لرسالة الإسلام في مختلف الفضائيات والتي تظهر الإسلام المخضب بالدم والعنف والفقر في الوقت الذي يعتبر الإسلام بريء من هذه الأفعال. وأوضح الأمين العام للأفلان أنه عند الحديث عن الإسلام ينظر على أن العلاقات صدامية وأنها تجعلنا نتسائل » لماذا يراد أن تكون بين الأديان القائمة على التوحيد حدود دموية؟«، مضيفا بأن الجميع يدرك أن الإسلام ليس ضد الحضارة الغربية بل هو ضد القيم الفاسدة، مشددا على ضرورة تعريف الآخرين بنا وأن نتعايش مع الآخرين في إطار الاحترام والتعايش الذي لا يفرض فكر الآخر علينا والعكس كذلك، مؤكدي أن أثر حوار الحضارات على العلاقات الدولية يعاني منه في كثير من الأحيان المسلمين دون غيرهم. ودعا بلخادم إلى نقل حوار الثقافات والأديان والحضارات إلى المجتمعات وعامة الناس من أجل الوصول إلى تكامل إنساني، كما أكد أن العلاقات الصدامية هي مصالح وسياسية وهي التي ينبغي إعادة النظر فيها، مضيفا بأن الجميع يدرك أن الأحكام المسبقة من أمراض المجتمعات والأفراد.