دعا الكاتب والصحفي بدر الدين ميلي النخبة الجزائرية على اختلاف انتماءاتها السياسية والإيديولوجية إلى ضرورة الانخراط في مسار الإصلاحات، وفتح أبواب التشاور والحوار من أجل إخراج الجزائر من »عنق الزجاجة«، مؤكدا أن الاكتفاء بالهامش دون الفعالية في الإصلاحات السارية هو تفويت لفرصة تاريخية سترهن تقدم الجزائر وتُقزّم دورها. المدير العام لوكالة الأنباء سابقا الذي نشّط في مركز البحوث الإستراتيجية والأمنية محاضرة بعنوان »مسألة النخب في الجزائر« أمس، استعرض المسار التاريخي لبروز النخبة في الجزائر والتي أثبتت فعاليتها في قيادة المرحلة الماضية بالمقابل هناك شبه استقالة عن أداء دورها في المرحلة الحالية حسبه، والتي تتطلب تكاتف الجميع على اختلاف انتماءاتهم السياسية وتشعب إيديولوجياتهم من أجل مصلحة الجزائر، وقال »نعيش مرحلة تاريخية تستدعي تكاتف جهود نخبة الجزائر ككل لإخراجها من عنق الزجاجة«. وغَلَب على توصيف الكاتب ميلي التشاؤم في استشراف مستقبل النخبة الجزائرية بعد أن بلغ تقهقر مستوى البحث وتراجع المستوى حدا غير مسبوق، بَرّره الأستاذ المحاضر بغياب دور فعلي للنخب الحقة في أداء دورها وتملصها من مسؤوليتها، بالمقابل نشهد تقلد نخبتنا الوطنية خارج الجزائر المناصب واحتلالها مناصب متقدمة في جميع القطاعات، لكن ميلي فسّر ذلك بعدم إعطاء كفاءاتنا الوطنية الفرصة لإثبات ذواتها، بل أكثر من ذلك تعرضت للإقصاء والتهميش في غالب الأحيان لأسباب سياسوية وحسابات ضيقة على حد قوله. وتساءل المحاضر كيف نحقق التنمية في ظل تراجع عددها؟، بل النخبة اليوم أصبحت حسبه عاجزة عن تقديم مشروع بديل لحل الأزمة التي تعرفها الجزائر، وهو ما يُعجّل كما قال، بضرورة التعمق في إشكالية النخبة الوطنية بعد غياب التنسيق بينها، وأضاف »نعيش مرحلة تاريخية لفتح حوار بين أوجه النخبة في الجزائر«، وتابع يقول »إيجاد صيغة مشتركة تؤمن بتحقيق التغيير الديمقراطي وتواكب التحولات بات أكثر من ضرورة لتحقيق القفزة المنتظرة«. وواصل الأستاذ ميلي محاضرته التي حملت الكثير من التساؤلات »أين النخبة وما هو موقع تواجدها في دائرة القرار«، مؤكدا أنه برزت نخبة متنوعة في الجزائر لكن لم تستغل، قبل أن يضيف »بُعد النخب من مركز القرار وتجاهلها هما أحد أسباب أزمة الجزائر بما يستدعي اعتماد لغة جديدة في محاورتها والتفتح نحوها«، وتابع »حان الوقت لإنهاء عهد الاحتكار والسيطرة وإفساح أشكال حرية التعبير«، أما إشغال النخبة بأوضاعها المعيشية بدل الاهتمام بها لقيادة مشروع حضاري ثقافي طلائعي ساهم في استقالتها عن أداء دورها بدل خدمة المجتمع. وأضاف صاحب رواية »مرايا القبرة« الصادرة عن دار الشهاب للنشر وتكون حاضرة بمعرض الكتاب الدولي بالجزائر، أن الجزائر تعيش قوة النخبة السياسية بدل النخبة الثقافية في المقابل غياب لأي تزاوج بينهما، وهو ما يتطلب تكاتف جهود كل النخبويين لقيادة قاطرة الجزائر في المرحلة المقبلة، مؤكدا أن الجزائر في حاجة لنخبة تحقق التغيير دون ولاءات.