مناقشة مشروع قانون الإعلام في البرلمان أعادت مسألة حرية الصحافة إلى الواجهة مجددا، ومن الواضح أن نوايا السلطة بخصوص الإصلاح تحاكم بناء على هذا المشروع، ولم يكن مفاجئا في شيء أن ينتقد الإعلاميون المشروع، كما أن النقاش الجاري يمكن أن يسمح بإثراء المشروع من أجل التوصل إلى قانون يوفر هوامش أكبر لحرية التعبير. المشكلة الأساسية هي أن الصحافيين لا يتعبون أنفسهم في الدفاع عن حريتهم، وهم ينتقون بشكل واضح الجهات التي يهاجمونها، وفي كثير من الأحيان يخطئون الهدف، والحديث الهامشي عن الغرامات المالية التي تفرض على الصحافيين في حال ارتكاب مخالفات يلخص بأمانة المستوى المتدني للنقاش. لا يجوز لأحد أن يكون فوق القانون، والمنتسبون لمهنة الصحافة مطالبون أكثر من غيرهم باحترام القانون لأن ما ينتظره منهم المجتمع هو كشف مخالفي القانون من أصحاب السلطة والنفوذ، ولن تكون هناك مصداقية لحارس القانون إن كان لا يحترم القانون، ومن هنا فإن فرض عقوبات مشددة في حالات الإدانة بالقذف أو نشر المعلومات الكاذبة يعتبر تحصينا لحرية الصحافة ومصداقيتها فضلا عن كونه حماية للمواطنين بصرف النظر عن المناصب التي يشغلونها. علينا أن نمتلك الشجاعة لطرح الأسئلة الحقيقية، كم صحافيا سجن في الجزائر بسبب كتاباته منذ سنة 2001 ، وهي السنة التي أدرجت فيها عقوبة حبس الصحافيين في قانون العقوبات؟. الإجابة لا أحد، وليست هناك جريدة واحدة أوقفت بسبب ما تنشره، أو دفعت غرامة مالية أدت بها الإفلاس بسبب مقال أو معلومة. هذا الوضع لا يدل على هامش واسع للحرية، فمن يدعي ذلك يكذب على نفسه ، لكنه يدل بكل تأكيد على أن الصحافة لا تتحمل أي مخاطر من أجل كشف الحقائق، وهي لا تفعل شيئا للدفاع عن الحرية، بل تنتظر مناسبات مثل طرح مشروع قانون في البرلمان لتردد نفس الكلام عن السلطة التي تريد أن تخنق الصحافة وتكتم صوت الحقيقة. ليست هناك صحافة في العالم حصلت على حريتها كهدية من السلطة، والجزائر لن تكون استثناء، ومن يؤثر السلامة عليه أن يرضى بالقليل الذي تجود به السلطة.