انتهى اجتماع دول الميدان المنعقد بنواكشوط إلى قرار يقضي بإنشاء لجنة سياسية وأخرى تقنية لتعزيز آليات التعاون بينها، وأكدت دول الساحل جنوب الصحراء الأربع عزمها على مواجهة مشتركة للتحديات الأمنية الجديدة الحاصلة في منطقة، وقد شكل اللقاء فرصة للوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل ليجدد التأكيد على رفض الجزائر دفع الفدية أو أي صفقة تفضي إلى الإفراج عن إرهابيين تمت محاكمتهم. خلصت دول الميدان )الجزائر-مالي-النيجر-موريتانيا( أول أمس، في نهاية أشغال الاجتماع الذي عقدته بنواكشوط إلى إنشاء لجنة سياسية وأخرى تقنية لتعزيز آليات التعاون القائمة بينها حاليا، وقد أعلن عن هذا الاتفاق الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل خلال ندوة صحفية نشطها بمعية باقي رؤساء الوفود، وأوضح مساهل أن اللجنة السياسية سيخول لها مهمة تخطيط ومتابعة و تنفيذ كل قرارات وزراء خارجية دول الميدان، أما اللجنة التقنية لمتابعة مشاريع التنمية فسيخول لها مهام تنشيط و تنسيق عمل دول الميدان في مجال المشاريع الكبرى المهيكلة خاصة المشاريع التي لها تأثير مباشر على ظروف عيش المواطنين بالمناطق النائية، و حسب مساهل دائما فإن اللجنة السياسية ستكون على مستوى وزراء الخارجية أو وزراء الدفاع وقد تكون على مستوى رؤساء دول الميدان. واتفقت دول الميدان من جهة أخرى على العمل لمواجهة مشتركة للتحديات الأمنية الجديدة الحاصلة في منطقة الساحل، وقد أكد وزراء خارجية هذه البلدان الأربعة على التحديات الحاصلة خلال الأشهر الأخيرة في المنطقة معتبرين انه أضحى ضروريا أكثر من أي وقت مضى تعزيز أعمالهم المشتركة من اجل مواجهة تلك التحديات، وتعزيز و تفعيل الآليات التي تم استحداثها لهذا الغرض. وتطرق عبد مساهل إلى عدد من القضايا الهامة، فضلا عن الجوانب المتعلقة بالتنسيق الأمني، حيث تحدث عن الاندماج بين هذه الدول الذي قالب بأنه يتقدم بثقة، وتحدث من جهة أخرى على ضرورة تفعيل التنمية وعن عدد من المشاريع تتضمنه خطة إستراتجية وتنمية واندماجية للبلدان ككل، متحدثا عن برامج في البنى التحتية في هذه البلدان من بينها الطريق الذي يربط الجزائر ولاغوس عبر النيجر، واكتمال الدراسة حول الطريق الرابط بين تندوف ومدينة شوم الموريتانية، والشروع في دراسة لطريق أخر لربط الجزائر بالتراب الليبي. ولعل من أهم وأخطر القضايا التي تطرق إليها عبد القادر مساهل في تدخله أمام المشاركين في اجتماع نواكشوط هي تلك المتعلقة بالاختطافات والصفقات المشبوهة التي تتورط فيها بعض دول المنطقة على غرار مالي وموريتانيا، حيث أكد رئيس الوفد الجزائري تمسك الجزائر بمنع دفع الفديات و كل تنازل للإرهابيين، على غرار الإفراج عن إرهابيين تمت محاكمتهم أو متابعين قضائيا، كما أثار نقطة في غاية الأهمية تتعلق بطبيعة التعاون بين دول الميدان والدول الغربية، بحيث يصبح هذا التعاون محصور فقط في جانب الشراكة التي قد تفيد الدول المعنية مباشرة بالحرب على الإرهاب ومواجهة الجريمة العابرة للحدود ميدانيا، وأوضح مساهل أن هناك استعداد كبير لدى الدول الغربية » حول القضايا التي تهمنا أولا وفيه تكامل ما بين إستراتجيتنا والإستراتيجية الأمريكية والأوربية..«، مؤكدا من جهة ثانية على ضرورة التفريق بين التنسيق الذي يمكن أن يشمل كل الشركاء والحلفاء، وبين التحالف الأمني في المنطقة الذي هو خاص بدول الميدان، مشيرا إلى اجتماع الجزائر المقبل سيكون مفتوحا لكل الدول التنسيق بما فيها المغرب ومصر وتونس والتشاد وبوركينا فاسو، وغيرهم من الدول المهتمة بالمجال الأمني في المنطقة. ومن من جهته تحدث وزير الشؤون الخارجية النيجيري محمد بزوم عن التحديات المتزايدة الواجب التصدي لها، وأشار أيضا إلى »الارتفاع الهائل لحركة الأسلحة والمتفجرات في المنطقة« كنتيجة للوضع الذي شهدته ليبيا، مضيفا أن »وصول وحدات عسكرية إلى مالي يشكل تهديدا بالنسبة للمنطقة بأكملها«، وتطرق في نفس السياق إلى»تصعيد النشاطات الإرهابية لجماعة بوكو حرام التي تأكدت علاقاتها بالقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي«، واعتبر بأن الإرهاب يتغذى من الفدية واضحي يمثل خطرا على وحدة دول المنطقة، وأن مكافحة هذه الظاهرة يجب أن تطال مصادر التمويل أيضا. وقد شكل موضوع تنقل السلاح في المنطقة أهم المحاور التي تطرق لها وزير الخارجية المالي سوميلو بوبو ميغا، إلى جانب مسألة التنمية على اعتبار أن الفقر يعد تربة خصبة لتنامي الإرهاب، حسب الوزير المالي الذي دعا إلى »وضع إستراتيجية مشتركة للمكافحة على المستوى الثنائي والمتعدد الأطراف و كذا على الصعيد القانوني والمؤسساتي والعملياتي ويجب على هذه الإستراتيجية أن تشكل ردا متعدد الأوجه ومشترك و جماعي في إطار التعاون الإقليمي«. وأثار مسؤول الوفد المالي قضية المواجهات العسكرية في شمال مالي بين الحكومة ومتمردي حركة الأزواد الانفصالية التي وقعت في شمال بلاده خلال الأيام الأخيرة معربا عن استعداد الدولة المالية للتكفل بجميع المطالب التي من شانها دعم المسار الديمقراطي وتعزيز وحدة وعدم قابلية التراب المالي للتقسيم«، مضيفا أن ما أسماه التزام دول الميدان بالتحرك سويا »يبعث على الاطمئنان« على المستويين الثنائي ومتعدد الأطراف.