ما قاله الأمين العام لحركة الإصلاح الوطني أمس بمناسبة الإعلان عن تكتل الجزائر الخضراء اختزل كل مآسي السياسة في هذا البلد، فقد تجرأ الرجل واعتبر الله، عز وجل، راعيا رسميا لعقد سياسي يجمع ثلاثة أحزاب سياسية، وقال »هذا التكتل نسجته يد الرحمان لتشرق الجزائر بعده بنور ربها«، والنور سيأتي بعد الانتخابات التي عدها المتحدث من أيام الله. ربما يكون الحماس الزائد قد لعب برأس الأمين العام للإصلاح الوطني فلجأ إلى هذا الخطاب الذي يصل إلى حد تجاوز الحدود مع المقدسات لجلب تعاطف الناس حول مشروع لا يلقي له الجزائريون بالا، لكن الأهم من هذا هو أن هذا الكلام يعيدنا مرة إلى نقطة البداية لنطرح السؤال، هل يملك هؤلاء حقا برنامجا سياسيا واضح المعالم يمكن أن يقنع الجزائريين بالذهاب إلى صناديق الاقتراع يوم العاشر من ماي، ويقنعهم بعد ذلك بمنح أصواتهم لهذا التكتل الذي بدأت ترتسم صورته من خلال نوعية الشعارات المرفوعة والخطاب المعتمد؟، ثم هل أبقى عكوشي على شيء من مصداقية الخطاب الذي تعتمده حمس وأحزاب التكتل والذي يلتزم بالانفتاح على كل مكونات المجتمع والتيارات المتواجدة على الساحة السياسية؟. الإشارة إلى الشيطان الذي قال عكوشي إنه لن يكون له نصيب في هذا العقد توحي بعكس ما يقوله سلطاني، فقد تم وضع هذا التكتل فوق الجميع بعد أن رعاه الله من فوق سبع سماوات، ولا نعرف أي قيمة بقيت للتحالف مع الآخرين، وما المرجو من فتح الباب أمام كل الأحزاب بعد أن أصبح الله راعيا لهذا التكتل؟ فالتحالف مع الغني يغني عن التحالف مع عباده. الحقيقة البسيطة التي لا يستطيع أن يقفز عليها أحد هي أن التكتل الذي أعلن عنه أمس لا يمثل حتى الإسلاميين أنفسهم، فضلا عن كون الإسلاميين يقرون اليوم بأنهم لا يمثلون كل المجتمع، وبدل الاستغراق في هذه البلاغة السياسية المنحرفة كان على الحلفاء الجدد أن يجتهدوا في تقديم أفكار واضحة وأن يعرضوها على الناس للحكم عليها، أما حكم الله فله يومه الذي لا مرد له.