كشفت مصادر أمنية مالية أن المسؤول السابق على إمارة الصحراء، مختار بلمختار، موجود منذ أسابيع على التراب الليبي لغرض التزود بالسلاح، وتؤكد هذه المعلومات صحة التحذيرات التي أطلقتها الجزائر حول انتعاش القاعدة بفعل الوضع في ليبيا، وهو ما ركزت عليه أيضا اللائحة التي صادق عليها مجلس الأمن والتي تدعو ليبيا والبلدان المجاورة لها للعمل من أجل ضمان الاستقرار بمنطقة الساحل الصحراوي. نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مصدرين أمنيين في مالي معلومات تفيد بأن الأمير السابق على المنطقة السادسة )إمارة الصحراء(، وأحد القادة البارزين في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، مختار بلمختار، المكنى بأبي العباس وبالأعور، موجود منذ أسابيع في ليبيا. وأشار مصدر الأمني في اتصال أجراه مع وكالة الأنباء الفرنسية من العاصمة المالية باماكو أن الهدف من انتقال بلمختار إلى الأراضي الليبية مرتبط أساسا بمسألة التزود بالسلاح من هذا البلد الذي تحول إلى مصدر رئيسي للأسلحة التي يتحصل عليها الفرع المغاربي للقاعدة، خاصة الثقيلة والمتطورة منها، ما دفع بنفس المصدر يضيف: »هذا دليل جديد على أن الإرهابيين يسعون حتما إلى إقامة شبكة كاملة بين الساحل والصحراء«، في حين كشف مصدر أمني أخر بأن مالي تلقت هذه المعلومات التي تتعلق بانتقال بلمختار إلى ليبيا، من دولة جارة، في إطار التنسيق الأمني وتبادل المعلومات الاستخباراتية بين باماكو وباقي دول الميدان، مستطردا في نفس السياق بأن »بلمختار موجود في ليبيا، مما يؤكد أن القاعدة في المغرب الإسلامي تريد توسيع شبكتها«. ويعتبر مختار بلمختار أحد القياديين البارزين في إمارة الصحراء، وأحد النشطاء بمنطقة الساحل الصحراوي، وقد سمح له التنقل بمنطقة الساحل الصحراوي بربط علاقات وثيقة بأعيان ونشطاء من التوارق، وبمجموعات من المسلحين والمهربين، بل دخل في علاقة مصاهرة بوجهاء من المنطقة مما سمح له بتوسيع نشاطه وتنويعه بين الإرهاب والتهريب، وكان هذا الشخص، الذي يكنى أيضا أبو العباس، دخل في مفاوضات عن طريق وسطاء من أقاربه من أجل التخلي عن السلاح والاستفادة من ميثاق السلم والمصالحة، إلا أن الشروط التي وضعها أفشلت العملية. ويوجد في رصيد الأعور عدد من العمليات الإرهابية الدامية بجنوبالجزائر ومنطقة الساحل الصحراوي، فضلا عن عمليات اختطاف واحتجاز رهائن غربيين والحصول على الفدية مقابل إخلاء سبيلهم، يضاف كل ذلك إلى نشاطه في مجال التهريب، حيث ترتبط المجموعات الإرهابية بالمنطقة بشكل وثيق بشبكات التهريب التي تدفع عملات مالية كبيرة مقابل السماح لها بالتنقل أو تأمين تحركاتها في المنطقة. وكان أبو العباس صرح ل»أخبار نواكشوط« بأن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي قد حصل على كميات من الأسلحة والذخيرة التي تم تهريبها من ليبيا، وجاءت المعلومات الأخيرة لتؤكد مرة أخرى بأن الفرع المغاربي للقاعدة يستفيد بشكل كبير من الوضع في ليبيا للحصول على الأسلحة، خصوصا المتطورة منها، وقد كشفت مصادر استخبارات محلية وغربية بأن الفرع المغاربي للقاعدة حصل فعلا على صواريخ »أرض- جو« متطورة تم نهبها من مخازن الجيش الليبي قبيل سقوط نظام القذافي. هذه الحقيقة هي التي جعلت السلطات في الجزائر، خصوصا بعد إفشال العديد من العمليات لنقل أسلحة ليبية عبر التراب الجزائري، واكتشاف مخازن لهذا السلاح، على غرار ما تم اكتشافه جنوب عين أمناس، تدعو طرابلس إلى التعاون من أجل التصدي لتهريب السلاح، وقد شكلت مداخلات وزير الداخلية دحو ولد قابلية، خلال الندوة الوزارية الإقليمية لأمن الحدود، فرصة لتأكيد إرادة الجزائر لإقامة تعاون وثيق مع الجانب الليبي بغية التصدي للجريمة والإرهاب، وكبح جماح عصابات تهريب السلاح، وأوضح ولد قابلية في ندوة صحفية مشتركة مع ممثلي الدول المشاركة أن الجزائر تؤيد إنشاء لجنة حدودية ثنائية مع ليبيا لضمان أمن الحدود المشتركة ومراقبتها، مضيفا بأن اللجنتين الثنائيتين الجزائرية المالية والجزائرية النيجيرية تعملان بشكل جيد و هذا التعاون أعطى نتائج إيجابية لا سيما في مجال مكافحة الجريمة، و أكد في ذات السياق أن الجزائر تريد القيام بالشيئ نفسه مع ليبيا لتأمين ومراقبة حدودهما المشتركة والتي تمتد على طول 1.000 كم، مذكرا بالوسائل البشرية والمادية التي جندتها الدولة الجزائرية لتأمين حدودها، وذكر بأن الجزائر ستتصدى لكل محاولة ترمي إلى المساس بأمن واستقرار ليبيا. وصادفت تصريحات ولد قابلية مصادقة مجلس الأمن الدولي أول أمس الاثنين على لائحة دعا من خلالها ليبيا والبلدان المجاورة إلى التعاون من أجل استقرار الوضع في هذا البلد المغاربي وكذا ضمان الاستقرار بمنطقة الساحل، وألزم مجلس الأمن »ليبيا والبلدان المجاورة بمباشرة اتصالات قصد إقامة تعاون إقليمي من شأنه العمل على تحقيق استقرار الوضع بليبيا ومنع عناصر من النظام الليبي السابق استعمال موقعهم للتخطيط لأعمال عنف وغيرها من الأعمال غير القانونية أو تمويلها أو ارتكابها قصد زعزعة ليبيا ودول المنطقة كما يسجل المجلس أن هذا التعاون سيعود بالفائدة على استقرار منطقة الساحل«. وأعرب من جهة أخرى عن »انشغاله للانتشار غير القانوني في المنطقة للأسلحة والعتاد الحربي القادمين من ليبيا والانعكاسات التي قد تنجر عن هذا الانتشار على السلم والأمن الإقليميين والدوليين«.