يطرح الخروج الإعلامي لمؤسس إمارة الصحراء لدى ''القاعدة''، مختار بلمختار، فرضيات استراتيجية جديدة، يكون التنظيم رسمها لنفسه في سياق بعض التغيير في موازين القوى (السلاح). لكن الصحفي الموريتاني محمد محمود أبو المعالي، الذي حاور بلمختار، يوضح ل''الخبر'' أن ''أبو العباس'' ربما ''وجد فرصة سعيه كصحفي إليه منذ فترة طويلة لمحاورته، للظهور للواجهة على أنه ليس ذلك الغول المتشدد''. شكل ظهور مختار بلمختار إعلاميا حدثا فارقا في مسيرة أحد أكثر الزعامات غموضا داخل إمارة الصحراء في تنظيم ''السلفية للدعوة والقتال'' سابقا، والذي تحول إلى ''القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي''. ومعلوم أن أنباء كثيرة رافقت مسار بلمختار منذ سقوط قائده سابقا، عماري صايفي، بين أيدي السلطات الجزائرية، وتعيين يحيى جوادي (أبو عمار) على رأس المنطقة الصحراوية، أشهرها اعتزاله النشاط المسلح ودخوله في مسار طويل من المفاوضات رغبة في تسليم نفسه، وخلافاته مع القيادات الجديدة للتنظيم في الساحل الصحراوي. ويعطي ''أبو العباس'' في الحوار المنشور له أول أمس، انطباعا بعودته للنشاط الميداني قياسا لمعطيات جديدة قد تكون طرأت على التنظيم، تتصل بتغير ما يكون حصل في موازين القوى، ربما من حيث حجم التسلح بسبب أزمة وسلاح ليبيا، كما تحيل قراءة في ظهور ''بلعور'' إلى اتفاق بين مختلف الكتائب التي تشكل إمارة الصحراء، وهي كتيبة ''الملثمون'' التي يقودها، وكتيبة ''طارق بن زياد'' التي يقودها الإرهابي عبد الحميد أبو زيد، وكتيبة ''الفرقان'' التي يقودها يحيى بن همام وكتيبة ''الأنصار'' التي يقودها الترفي أبو عبد الكريم. وارتبط اسم بلمختار في الإعلام بعصابات التهريب والجريمة المنظمة النشطة عبر محور موريتانيا والجزائر ومالي والنيجر، وفي الحوار يقدم نفسه قائدا يبعد عنه التهمة، حيث تعرفه تقارير أمنية برجل ''كاريزما الزعامة'' في الساحل لعلاقاته الوطيدة بأعيان القبائل وحتى أجهزة رسمية إفريقية تمتد إلى نيجيريا وبوركينافاسو. ويوضح الصحفي محمد محمود أبو المعالي، وهو رئيس تحرير ''وكالة نواكشوط للأنباء''، الذي أجرى الحوار مع بلمختار، أن الأخير قدم رسائل كثيرة أهمها رغبته ''في تحييد بعض الجيوش (مثل موريتانيا) من معركة التنظيم، ورفض إقراره بوجود حرب مفتوحة مع جيش موريتانيا، رغم عشرات القتلى الذين سقطوا على أيدي أتباعه''. ومن الرسائل أيضا أن ''بلمختار'' يعطي انطباعا ب''قدرة تأثير التنظيم داخل القبائل المنتشرة في الساحل، في محاولة لبناء ثقة مع الأهالي إعدادا لاستراتيجية مستقبلية''. ويشرح أبو المعالي، في اتصالي هاتفي مع ''الخبر'' من نواكشوط، أن بلمختار ''يقر بحصول القاعدة على أسلحة ليبية ووجود صلات إيديولوجية مع بعض ثوار ليبيا، رغم عدم مشاركة أتباع الإمارة الصحراوية في الإطاحة بالقذافي''. ويروي الصحفي الموريتاني أن الحوار ''تحقق بعد سعي لسنوات وبعد ترتيبات طويلة ومعقدة، ومع ذلك فربما بلمختار وجد فيه فرصة للخروج للواجهة لتصوير نفسه أنه ليس ذلك الغول المتشدد، وقد تفادى في كلماته استعمال مصطلحات الطاغوت والمرتدين والتكفير''. ويعتقد أن الخلاف بين مختلف الكتائب قد تم تجاوزه ''حيث أن بلمختار ينظر إليه كصاحب العلاقات الحقيقية بالمنطقة وإلمامه بقضايا التسلح، وربما يكون هو الرابط مع الليبيين، وله علاقات مع الأعيان. وعلى ما يبدو فهو أكثر الزعامات الصحراوية حنكة''.