لم يعد التدهور المتواصل للوضع الأمني والإنساني في شمال مالي يسمح ببقاء أي طرف على الحياد، حيث دعت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، الدول الأعضاء للوقوف إلى جانب باماكو وإمدادها بالسلاح والمعدات العسكرية لمواجهة المتمردين التوارق التابعين للحركة الأزواد الانفصالية، وأكدت من جهة أخرى أنها ستسعى للوصول إلى وساطة في غضون الأيام القليلة المقبلة بين طرفي النزاع. وجهت المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا، باعتبارها أكبر كيان إقليمي لصناعة القرار في المنطقة، الدول الأعضاء في المجموعة إلى تزويد دولة مالي بكل ما تحتاجه من أسلحة ومعدات عسكرية وتقديم الدعم والتموين اللازم لباماكو لتمكينها من مواجهة حركة التمرد في شمال البلاد التي تقودها فصائل الأزواد. وقالت مفوضية المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا المعروفة اختصارا باسم »إيكواس« في بيان لها أن »المفوضية تحث الدول الأعضاء والشركاء على دعم حكومة مالي بمستلزمات الإمداد والتموين والمعدات في الوقت الذي تحارب فيه البلاد للدفاع عن وحدة أراضيها واستعادة القانون والنظام«، كما دعت في نفس السياق الحركة الوطنية لتحرير الأزواد لوقف إطلاق النار وحذرت من أن »إيكواس« ستتخذ »كل الإجراءات الضرورية« لمساعدة مالي في حماية نفسها. وكشفت »إيكواس« من جهة أخرى أنها ستشرع خلال الأيام القليلة المقبلة في وساطة بين طرفي النزاع من أجل وقف المواجهات العسكرية في شمال مالي، علما أن باماكو أبانت عن ضعف وعجز كبير عن مواجهة مقاتلي حركة الأزواد، الذين تمكنوا من الاستيلاء على العديد من المناطق في شمال البلاد والسيطرة على الكثير من الثكنات والمحميات العسكرية وإجبار القوات المالية على التقهقر وحتى على الفرار إلى الدول المجاورة. وتسببت الحرب الطاحنة في شمال مالي والتي اندلعت في جانفي الفارط بعد انقطاع دام سنوات بفضل جهود الوساطة التي بذلتها الجزائر، في وضع إنساني كارثي، وفي عمليات نزوح غير مسبوقة في هذه المنطقة، حيث وصل إلى الجزائر ما لا يقل عن 30 ألف لاجئ مالي من المدنيين، وعددا من المقاتلين المصابين، الهاربين من المعارك المستمرة، وهذا حسب ما أعلن عنه مؤخرا وزير الداخلية دحو ولد قابلية الذي أضاف بأن »الجزائر لا تتدخل في الشؤون الداخلية لمالي وتكتفي بمراقبة حدودها لمواجهة أي خطر محتمل ومع ذلك الجزائر تستقبل الذين يفرون من بلدهم هربا من العنف والحرب سواء كانوا من هذا الطرف أو ذاك«، في حين أعلن مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الأسبوع الفارط أن أكثر من 195 ألف شخص فروا من المعارك الدائرة في شمال مالي، وأضاف المكتب أن اللاجئين فروا خصوصا إلى موريتانيا والنيجر وبوركينا فاسو والجزائر. وتتبنى حركة تحرير أزواد خطا راديكاليا برفضها لأي شكل من أشكال الحوار أو التفاوض مع الطرف المالي لا يكون على قاعدة تقرير المصير أو الانفصال وتشكيل دولة مستقلة عن الدولة الأم، هذا فيما تسعى باماكو إلى حشد التأييد لصالحها من خلال محاولة الربط بين حركة التمرد الترقية التي استفادت كثيرا من الوضع في ليبيا، وحصلت على الكثير من الأسلحة المتطورة بعد سقوط نظام العقيد معمر القذافي، وتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، خصوصا بعدما تأكد دخول حركة أنصار الإسلام الترقية القريبة من القاعدة المعارك إلى صف حركة الأزواد بشمال مالي. يشار أيضا إلى أن الرئيس المالي ممادو توماني توري كان قد دعا المنظمات الحقوقية الدولية إلى الوقوف على ما اسماه ب »الفضائع والجرائم« التي ارتكبتها، حسب قوله، فصائل ترقية بعد الاستيلاء على عدد من معسكرات الجيش المالي، متسائلا عن صمت العديد من الأطراف بما في ذلك محكمة الجنايات الدولية.