المناضلون الذين اختارهم حزب جبهة التحرير الوطني للإبحار في سفينة التشريعيات، هم وحدهم من بين المناضلين وأنصار الحزب، الذين يحق لهم إبداء الملاحظات والتحفظات بشأن سير الانتخابات ،وكيف يجسد أهداف وطموحات أعضائه وأنصاره، في تبوء قيادة سفينة الجزائر لعهدة جديدة، يصبوا الشعب الجزائري، أن تكون هي الأخرى، زاخرة بالانتصارات والانجازات، في ظل الأمن والاستقرار والإزدهار• إن ردود الفعل الغاضبة والمتشنجة لدى الكثيرين ممن لم ترشحهم قيادة الحزب للتشريعيات، أو ممن لم تعد ترشيحهم، أو لم ترتبهم حسب هواهم في القوائم، لا تتسم في الكثير منها بالحد الأدنى من الموضوعية، فضلا عن معايير الانضباط الحزبي، التي كان يتعين الإلتزام بها في كل الظروف، ومن ثمة فإن الأصوات العالية الصادرة عن مثل هذه الأطراف، يتوجب إدراجها في سياقها الإنتخابي ووضعها في إطار انعكاسات عمليات التجديد والانفتاح والتشبيب التي يشهدها حزب جبهة التحرير الوطني، ضمن تكيفه مع الاصلاحات الجارية••• إذا كان هناك من صوت يتعين الإصغاء إليه، من قبل المناضلين والمتعاطفين مع حزب جبهة التحرير الوطني، فهو صوت الضمير الحي، الذي يحمله في داخله كل مناضل سواء حمل البطاقة أو لم يحملها، إذ لم يعد هناك مجال وسط الهمهمة القائمة وطغيان المصلحة الذاتية على المصلحة العامة ومصلحة الحزب، إلا الاحتكام إلى الضمير والضمير وحده• الانتقادات والتخفضات الوحيدة التي يمكن الركون إليها والاستماع إليها ومناقشتها، هي تلك التي قد تأتي من الفرسان، الذين أفرزتهم القاعدة والقيادة لخوض غمار التشريعيات، وكل ما عداها هو من لغو الكلام في هذا الظرف الحاسم والعصيب من مسيرة الحزب• لقد كان من الطبيعي جدا، وكما جرت العادة، أن تحدث ردات فعل عكسية، في اختيار الرجال، وما أكثرهم في حزبنا، ولكن أن تبلغ حد الدعوة إلى التصويت ضد مرشحي الحزب، فتلك خطوة لم يعهدها الحزب، ولم يشهد مثلها من قبل، مما يؤشر على انحراف خطير في مفهوم النضال لدى فئة لم تعد ترى فيه غير الكرسي والكرسي فقط• إن حزب جبهة التحرير الوطني الذي بادر قبل غيره، بفتح ورشات الاصلاح، وكان صاحب الصوت العالي في دعم الاصلاحات المعلن عنها من طرف رئيس الجمهورية، لم يفعل ذلك من باب المسايرة والمداهنة، ولكن انطلاقا من الايمان العميق بأن الوقت قد حان لمباشرة الاصلاح بكل جرأة وشجاعة، والإصلاح الحقيقي يبدأ بإصلاح الذات، وهو بالضبط ما تستهدفه حزب جبهة التحرير الوطني في مقاربة الانتخابات التشريعية القادمة، إن من حيث التجديد والتشبيب، أو من حيث إعطاء المرأة المكانة التي تعود إليها عن جدارة وبقوة القانون• إن الانتخابات، أية انتخابات كانت، هي أولا وقبل كل شيد رؤيا من رؤى أحلام اليقضة، تخوضها قيادة أركان الأحزاب، بما يتوفر لديها من مناضلين ومناصرين، تراهن عليهم للفوز بثقة الناخبين، اعتمادا على خبراتهم المتراكمة،واستنادا على كونهم لم يُسْتَهَلكوا هم، ولم يعد بقاؤهم مخصوما من رصيد الحزب••• إذا كان من غير الوارد تصور عجة بدون تكسير البيض كما يقول المثل، فإن من غير الممكن انتقاء رجالات مرحلة الاصلاح، وإرضاء طموحات كل من يريدون خوض غمار الانتخابات، دون المساس بما يعتبره البعض من المكتسبات ومن تحصيل الحاصل،، بينما الواقع والمنطق يقول أن السياسة ليس فيها أبدا مكتسبات دائمة، ولا صدقات دائمة أيضا•