تدخل التحضيرات لانتخابات العاشر من ماي مرحلة المنافسة السياسية والتنظيمية للأحزاب المشاركة في الموعد الوطني الهام، حيث تنطلق اليوم رسميا الحملة الانتخابية لتستمر إلى غاية السادس من ماي الداخل. وتكون فرصة للأحزاب والمترشحين الأحرار من التقرب من المواطن وإبراز برامجهم الانتخابية قصد الظفر بثقته يوم التصويت. استكملت كل التحضيرات المتعلقة بالاستعدادات الجارية لموعد العاشر ماي الداخل، حيث تم الكشف على أرقام الأحزاب والقوائم الحرة في أوراق التصويت وتم الانتهاء من إعداد المساحات الإشهارية والدعائية وإقرار الحصص المخصصة للأحزاب في وسائل الإعلام الثقيلة. في حين انتهت الأحزاب من إعداد الملصقات واللوحات الاشهارية للمنتخبين وتحضير التجمعات والجولات الميدانية لقادة الأحزاب والمترشخين عبر مختلف تراب الوطن. ويتنافس على البرلمان القادم الذي ارتفعت مقاعده لتصل إلى 462، نحو 44 حزبا سياسيا بما فيها تلك التي ولدت عقب الإعلان على الإصلاحات السياسية وأكثر من 200 قائمة حرة منتشرة عبر القطر الوطني. وتبرز هذه الأرقام مدى أهمية هذه الانتخابات ليس بالنسبة للأحزاب والفاعلين السياسيين فقط وإنما بالنسبة للبلد ككل، حيث يتضح ذلك من خلال نسبة المشاركة القياسية والابتعاد عن خيار المقاطعة الذي كان احد الأسلحة التي تلجأ إليها المعارضة، فقد شكل دخول جبهة القوى الاشتراكية معترك الانتخابات، حدثا بالغ الأهمية يؤشر في حد ذاته على أهمية هذا الاستحقاق. كما أن المقاطعون ليس لهم أي تأثير سياسي أو شعبي إذ لم نسجل أي دعوة للمقاطعة ماعدا حزب سعدي الذي فشل في تحريك الشارع وإقناع المواطن بخياراته الراديكالية مما جعله يحتمي بالمقاطعة لتجنب هزيمة سياسية وتنظيمية قد تمسح الحزب من الخارطة السياسية كلية. ويعتقد مراقبون أن الرهان الحقيقي اليوم بعد انطلاق الحملة الانتخابية هو مدى قدرة الأحزاب والمترشحين على تجنيد المواطن وإغرائه للإقبال على صناديق الاقتراع، فنسبة المشاركة في الانتخابات تبقى الهاجس الأول والأخير بالنسبة للسلطة والأحزاب على حد سواء، ذلك لان إحجام المواطن على التصويت قد يفتح الباب أمام الطعن في شرعية البرلمان القادم أو على الأقل يضعف من سلطته ويجعل المهام الموكلة إليه وأولها تعديل الدستور محل جدل سياسي كبير. وتفاديا لهذا السيناريو انخرط الرئيس بوتفليقة منذ شهور في حملة تعبوية للمواطنين قصد دفعهم للمشاركة بقوة في الانتخابات والإدلاء بأصواتهم بكل حرية وشفافية، وتعهد الرئيس فيس كل خطاباته ورسائله التي بعثها للأمة في مختلف المناسبات بالسهر على ضمان نزاهة العملية الانتخابية وشفافيتها وحريته الاختيار. كما أعطى الرئيس للطبقة السياسية خصوصا والمواطنين عموما الضمانات القانونية والسياسية التي تتيح إجراء انتخابات حرة ونزيهة وذات مصداقية، ومن ذلك إعادة النظر في شكل صناديق الاقتراع والحبر الذي تكتب به المحاضر وتسليم المحاضر في مكاتب الاقتراع وليس في مكان آخر وإشراف القضاء على الانتخابات وحضور ملاحظين دوليين لتقييم العملية الانتحابية ومراقبة سلامتها. وهي الضمانات التي لقيت ارتياح الفاعلين السياسيين. وتعول الحكومة على إقبال كبير للمواطنين لسببين رئيسيين أولها الحراك السياسي الاجتماعي والسياسي اللذين ميزا عملية فتح المجال السياسي، ودخول العشرات ممن كانوا على الهامش إلى الملعب السياسي مما قد يساعد على جلب فئات جديدة وإقحامها في المعترك الانتخابي، وثانيا أهمية الانتخابات بالنسبة للبلد والرهانات المحيطة بها، إلا أن دور الأحزاب يبقى محوريا من خلال تقديم برامج ذات نوعية قادرة على تحسس معاناة المواطنين. سيما وان كل التوجهات السياسية والتيارات الفكرية والفئات الاجتماعية مشاركة في العملية الانتخابية فمن الإسلاميين إلى الوطنيين إلى الديمقراطيين، إلى المنظمات النقابية وجمعيات المجتمع المدني، تشكل الخارطة الانتخابية فسيفساء، تسمح للناخب الاختيار الحر وفق رؤيته وطموحاته. ومن هذا المنظور ينتظر من الأحزاب والمترشحين الأحرار دور مهم على مدار ثلاثة أسابيع لإقناع المواطن بضرورة الإدلاء بصوته. في حملة اجمع جل المتدخلين أنها ستكون نظيفة، لكنها ساخنة وشديدة المنافسة.