تشهد الجبهة الاجتماعية هذه الأيام تصعيدا ملحوظا في الاحتجاجات سيما في قطاعي الصحة العمومية والتربية الوطنية هذا في وقت فضلت فيه نقابات أخرى تعليق مطالبها إلى ما بعد الانتخابات التشريعية المقبلة وهو الأمر بالنسبة للاتحاد العام للعمال الجزائريين والنقابة الوطنية للأسلاك المُشتركة والعمال والمهنيين وكذا النقابة الوطنية لعمال التكوين المهني..يحدث ذلك في ظل حملة انتخابية لم ترق لغاية الآن إلى المستوى الذي انتظره كثيرون على رأسهم السلطات العليا. لا يختلف المشهد الاجتماعي والنقابي الذي تعيشه الجزائر عشية الانتخابات التشريعية المقررة في 10 ماي المقبل عن ذلك الذي عشناه منذ سنوات قبل إقرار مختلف الزيادات في الأجور التي استفاد منها العمال والمُسجلة منذ 2006 إلى غاية الآن، والمتتبع لهذا الجانب يستنتج وكأن الوضع لم يتغير فيه شيء، فارتفاع أسعار مختلف المواد الغذائية وغير الغذائية لا يزال متواصل كالبطاطا التي تجاوز سعرها مؤخرا 130 دج والطماطم 160 دج والاسمنت 900 دج للكيس ناهيك عن الإشاعات التي ما تزال تُربك المواطنين وتكشف عدم ثقتهم بالتصريحات الرسمية وهو ما تجسد ميدانيا من خلال إشاعة إضراب عمال »نفطال« التي تسببت في طوابير لا تنتهي لأصحاب السيارات أمام محطات الوقود.. كل هذه المُعطيات وغيرها أخلطت الأمر على التنظيمات النقابية، فمنها من فضلت استغلال الانتخابات المقبلة والضغط على السلطات العليا في البلاد بهدف تحقيق مطالبها ومنها من رأت بأن الوضع الحالي للبلاد لا يحتمل أي ضغط آخر ويتطلب تجميد كل أنواع الاحتجاجات وهو الموقف الذي لجأ إليه الاتحاد العام للعمال الجزائريين عبر لجوء الأمين العام عبد المجيد سيدي السعيد عبر توجيه تعليمات إلى مختلف الفروع النقابية يأمرهم من خلالها تأجيل أي احتجاج إلى ما بعد التشريعيات لتفوبت الفُرصة على ما أسماه أحد الأعضاء القياديين بهذه المنظمة العمالية »أعداء الجزائر في الداخل والخارج«، نفس الشيء لجأت إليه النقابة الوطنية للأسلاك المُشتركة والعمال المهنيين وكذا النقابة الوطنية لعمال التكوين المهني بالرغم من كون هاتين النقابتين شنت في وقت سابق عدة احتجاجات وطنية آخرها الاحتجاج الذي قامت به أمام وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي مُطالبة منحها الاعتماد. وإذا كانت هذه النقابات وغيرها فضلت إرجاء أي احتجاج إلى ما بعد التشريعيات واضعة في حسبانها الخطر المُحدق بالجزائر ،مثلما تُسميه، رأت أخرى، بأن الوقت مناسبا لتصعيد احتجاجاتها باعتبارها اقتنعت، يقول أحد ممثليها، بأن السلطات الجزائرية لا تُلبي مطالب العمال إلا تحت الضغط وهو ما تجسد ميدانيا، يُضيف بقوله، على مدار السنوات الماضية وانتهى برفع أجور مختلف القطاعات، لكن رغم ذلك فالسلطات، يُواصل، تعمدت رفع أسعار مختلف المواد بطريقة غير مباشرة وأعادتنا إلى نقطة البداية، ومن بين النقابات التي فضلت خيار الضغط تلك النشطة بقطاع التربية كالاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين والمجلس الوطني لأساتذة التعليم الثانوي والتقني وكذا بعض نقابات قطاع الصحة ممثلة في هيئة ما بين النقابات، إضافة إلى تنسيقية عمال البلديات والفدرالية الوطنية لعمال العدالة وتنسيقية العمال المتعاقدون ضمن عقود ما قبل التشغيل وكذا أفراد التعبئة للجيش الوطني، المجندون خلال العشرية السوداء، وهي كلها نقابات وفئات باشرت احتجاجاتها عبر كاافة التراب الوطني من أجل تحسين ظروفها الاجتماعية وتُهدد بتصعيده خلال الأيام الجارية. وبدورهم يختلف المتتبعون للجبهة الاجتماعية في الجزائر حول موقف هذه التنظيمات النقابية فمنهم من يقف ضد الاحتجاجات في الظرف الراهن لتفادي استغلالها من قبل أطراف لا تُريد الخير للبلاد، وهو ما ثبت يقولون في دول أخرى، ومنهم من يرى بأن تردد السلطات وطريقة التعامل التي اعتمدتها في وقت سابق مع هذه المنظمات هو الذي يجعل هذه الأخيرة لا تثق في الوعود المُقدمة لها، ومنه، لا يعترضون على الاحتجاجات ويُطالبون من السلطات تجسيد وعودها في تحقيق المطالب المشروعة للعمال عبر الالتزام كتابيا بذلك وتفويت الفرصة أمام »الخلاطين« خاصة وأنه لم يبق إلا 15 يوما عن تاريخ التشريعيات.