رغم اعتراف عدد من المراقبين بأن التيار الإسلامي في الجزائر لا يزال له مكان إلا أن أغلبهم يتقاطعون عند التأكيد بأن السيناريو الذي عرفته بعد البلدان العربية لن يتكرّر في بلادنا، وهو ما يذهب إليه أستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور ناصر جابي الذي يُجزم بأن »تكتل الجزائر الخضراء« سوف لن يكون له دور لأنه »سيدفع ثمن مشاركة »حمس« في الحكومة«. انتقد عدد من المراقبين أداء التشكيلات الحزبية في الجزائر طيلة أيام الحملة الانتخابية لكونها »فشلت في حشد المواطنين ودفعهم نحو الاهتمام أكثر بموعد الانتخابات التشريعية«، وإن اختلفت القراءات بشأن الخارطة السياسية المقبلة فإن هؤلاء يرون بأن حظوظ التيار الإسلامي خلال اقتراع اليوم ليست كما كانت في السابق، واللافت أن كل القراءات التقت عند نقطة محورية وهي أن الفرق يكمن في أن »الإسلاميون في الجزائر شاركوا في السلطة منذ التسعينيات بعكس ما حصل في مصر وتونس أيبن تعرّضوا للنفي والمتابعات«. ويبرز من التحليل الذي يُقدّمه أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة الجزائر، الدكتور ناصر جابي، أن أكبر خاسر بعد إعلان نتائج الانتخابات التشريعية المتوقع يوم غد الجمعة سيكون حركة مجتمع السلم ومعها حليفاها في »تكتل الجزائر الخضراء«، ويتعلق الأمر بكل من حركة النهضة وحركة الإصلاح، وهو يبني هذا التوقع على أن »هذا التكتل قوته الأساسية هي حمس وبالتالي فإن هذا التحالف سيدفع مشاركة الأخيرة في السلطة وتبنيها سياسات الحكومة لفترة طويلة قبل أن تنسحب في الربع ساعة الأخير..«. وأعاب الدكتور جابي على قيادة حركة مجتمع السلم تبني الخطاب الرسمي ما جعله شبه مقتنع بأن الجزائريين »سيعاقبون« هذا الحزب خلال هذه الانتخابات، ومقابل ذلك يرى المتحدّث أن هذا الواقع من شأنه تعزيز موقع حزب عبد الله جاب الله، جبهة العدالة والتنمية، الذي قال إنه سيكون على رأس الفائزين من التيار الإسلامي ثم تأتي بعده »بدرجة أقل« جبهة التغيير التي يقودها عبد المجيد مناصرة الذي شقّ عصا الطاعة عن قيادة »حمس«. ويُضيف أستاذ علم الاجتماع السياسي بأن ما حصل من سيناريو صعود الإسلاميين إلى السلطة في كل من مصر وتونس »ليس له شروط في الجزائر« بالنظر إلى أن »الحركات الإسلامية في بلادنا شاركت في السلطة وكانت متواجدة في مؤسسات الدولة منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي عكس الإخوان المسلمين في مصر وحركة النهضة في تونس الذين تعرّضوا إلى التضييق والمتابعات القضائية..«، مشيرا إلى أن الصراعات داخل التيار الإسلامي في الجزائر قديمة »وهي سياسية وتاريخية«، مثلما أوضح أن ما يعاب على الإسلاميين هو غيابهم عن النشاط الاجتماعي الخيري. وفي وقت يعتقد فيه الدكتور فوزي أوصديق بصعوبة حصول الإسلاميين على الأغلبية في البرلمان المقبل، فإن المحامي والحقوقي المعارض مقران آيت العربي لا يستبعد أن يكون تحوّل »حمس« المفاجئ من صف السلطة إلى صف المعارضة مجرّد »انسحاب شكلي من التحالف الرئاسي«، بل أبدى يقينه بأن هذا الحزب »لا يزال جزءا من السلطة« على حدّ قوله، قبل أن يضيف بأن »التغيير الديمقراطي لا يتأتى من هذه الأحزاب ولا من هذه السلطة ولكن يتحقّق إذا تمّ فتح نقاش عام في الجزائر يسمح بظهور نخبة جديدة«. وعلى عكس ذلك تماما بدا عبد الرزاق مقري منسق الحملة الانتخابية ل »تكتل الجزائر الخضراء« ناقما على هذه التحاليل والتوقعات لأنه صرّح بهذا الخصوص قائلا: »نحن القوة الفعلية في الجزائر لكوننا نحمل مشروعا طالما حلم به الإسلاميون ودعونا إلى توحد القوى الإسلامية حتى لا تكون الجزائر استثناء خلال هذه التشريعيات«.