م. شريفي تساءلت وأنا أتابع التعليقات التي نزلت في الصحف وعبر الإنترنيت عقب زيارة فرحات مهني، المغني الفاشل والسياسي الأحمق، لعاصمة الكيان الغاصب في إسرائيل، عما إذا كان هذا التصرف يستحق أن نعلق عليه أو نغضب منه ونثور عليه، لسبب بسيط وهو أن هذا الرجل يكاد لا يمثل سوى نفسه وشخصه المتواضع في عالمي الفن والسياسة، كما أنه لا يحظى بأي تأييد حتى في مسقط رأسه، وبالتالي فإن زيارته لإسرائيل والترحاب الذي لقيه من قبل الكنيست والمسؤولين الصهاينة لا تشكل حدثا حتى بالنسبة لإسرائيل، التي إن اعتمدت على فرحات مهني لتقسيم الجزائر، أو خلق لوبي مدعم لها في منطقة القبائل، فإنها تكون قد تعلقت بحبال واهية، وهي تدرك ذلك جيدا من خلال خبرتها الكبيرة بالشعب الجزائري، وفي مقدمته أبناء منطقة القبائل الأحرار. إذن المشكلة ليست هنا،• وإنما الإشكال والتخوف يكمنان في أمرين أساسيين، أولهما، هو التساؤل عن سر الصفح الجميل الذي تتعامل به السلطات الجزائرية مع هكذا تصرف، فلقد سبق لشخصيات جزائرية أن زارت الكيان الصهيوني في محاولة للاستقواء على الدولة الجزائرية والضغط عليها للحصول على دعم وتأييد، ورأيناها تطل من تل أبيب على القنوات الإسرائيلية والفرنسية تتحدث عن تصرفها وكأنه موقف بطولي أو كأنها الوحيدة التي تفهم في السياسة والتاريخ. وفي هذا السياق فإن المفارقة ليست في تصرف تلك الشخصيات، بل العجب العجاب هو في كيفية تعامل الدولة الجزائرية معها، بحيث لم يجلب لها ختم شرطة الحدود الإسرائيلية على جواز سفرها أي حرج أو حساب، أكثر من هذا عينت في مناصب سامية في الدولة الرافضة لوجود إسرائيل، المؤمنة بأن اليهود والنصارى لن يرضوا عنها إلا إذا اتبعت ملتهم، كما جاء حرفيا في القرآن الكريم. فلماذا إذن يلام فرحات مهني، الذي إن طبق عليه نفس هذا المنطق قد يصبح هو الآخر مسؤولا ساميا بعد أن حظي بتباريك خامات إسرائيل وسفاحيها! مسألة الصفح والتسامح هذه مع دعاة تقسيم الجزائر علنا وزوار الكيان الصهيوني تدعو للحيرة، خاصة وأننا نشهد تصرفات مناقضة مع شخصيات أخرى لم ترق معارضتها أو تجاوزاتها حدود التظاهر والاعتراض على بعض القرارات السياسية. وثانيهما، فإن الذي يمهنا من هذه الحادثة أو الجنحة أو الجريمة، نسميها كما نشاء، هو صعوبة اتخاذ موقف واضح وجاد، بالنظر إلى كون غالبية الدولة العربية قبلت بفكرة وجود اسرائيل من خلال قبول مبادرة العاهل السعودي الملك عبد الله التي تعترف صراحة بوجود هذا الكيان الغاصب. فهل يصبح انتقاد زيارة أي شخص لإسرائيل مزعجا لهذا الحد مادام العرب قد قبلوا جميعا، كمسؤولين وليس كشعوب، فكرة التعايش مع إسرائيل التي ردت عليهم، كعادتها - بالاحتقار والتمادي في العدوان؟ باختصار، تبدو الأمور في غاية النفاق، وقد نرى يوما ما فرحات مهني سفيرا للجزائر في تل أبي•!