قدم المؤرخ الفرنسي رومان برتران المتخصص في الهيمنة الاستعمارية الأوروبية وجهات نظره وفق ثلاثة أسئلة طرحت من طرف »وكالة الأنباء الجزائرية« على هامش محاضرته حول »فرنسا وماضيها الاستعماري: القانون والذاكرة والتاريخ« التي قدمها، أول أمس، بالمركز الوطني للبحث في الأنثربولوجيا الاجتماعية والثقافية لوهران. * تقترحون في أحد مؤلفاتكم »التاريخ بأجزاء متساوية« مقاربة جديدة لكتابة التاريخ وتنددون بطريقة أو بأخرى بالنظرة الأوروبية المحضة. هل اقتراحكم موجه تحديدا إلى المؤرخين الأوروبيين؟ ** مشروع الكتاب الذي يلخصه العنوان »التاريخ بأجزاء متساوية« هو قبل كل شيء اللجوء إلى العديد من المصادر الأوروبية والمصادر من خارج أوروبا على حد سواء ولا سيما فيما يخص تاريخ أولى الاتصالات بين أوروبا وآسيا بين القرنين ال 16 وال 18. لقد أسس الأوروبيون قصة مجيئهم بمنحهم أجمل دور، ومن هذه الزاوية فإن النصيحة موجهة لجميع المؤرخين بغض النظر عن البلد الأصل، إننا نسقط بسهولة في فخ النظرة الأوروبية منذ اللحظة التي نتقبل فيها هذه الفكرة البسيطة والتي تعد كمبدأ المعرفة الإمبراطورية الاستعمارية الأوروبية وتتعلق بكون الأوروبيين كانوا مهمين بالنسبة للمجتمعات المحلية بمجرد وصولهم، لكن عندما ننظر إلى المصادر الآسيوية فان أوروبا لم تكن بتلك الأهمية في ذلك الوقت مقارنة مع الإمبراطورية الصينية أو المغولية أو العثمانية. * هل يمكن في رأيكم لبلدين يتقاسمان ماضي تميز بعلاقات الهيمنة والقمع طي هذه الصفحة المظلمة من التاريخ المشترك بدون اعتراف بالأفعال التي ارتكبتها القوة المهيمنة؟ ** يجب أن نفرق بين مجال الذاكرة والسياسة من جهة ومجال التاريخ من جهة أخرى، بالنسبة للمؤرخ فإن الأمر يتعلق بمجرد محاولة للفهم انطلاقا من الحقائق أي من خلال الأرشيف، وأعتقد أنه لا ينبغي أن يكون همه معرفة ما يجري على الصعيد الدبلوماسي. لقد سمعت مؤرخ فرنسي يشير أنه يتعين صنع تاريخ مسالم لحرب الجزائر، أعترف بأنني لا أفهم كيف يمكن صنع تاريخ مسالم لحرب، فالحرب هي الحرب والحرب قبيحة، عندما نبحث عن الأرشيف لا يمكن العثور على أشياء سارة جدا، يكمن دور المؤرخ في القيام بذلك فقط بالاستعانة بالأرشيف والبحث، وأعتقد أنه عندما يتدخل المؤرخ كثيرا في النقاش العام فان ذلك ليس بالضرورة أمرا جيدا للتاريخ. * هل ينبئ فوز الحزب الاشتراكي في الرئاسيات بفرنسا بتغيير إيجابي حيال طلب من الشعب الجزائري حول تقديم اعتذارات عن الجرائم التي ارتكبت في حقه؟ ** لست متخصصا في فرانسوا هولاند ولكنه أكد خلال حملته الانتخابية أنه يريد، من خلال خطاب كبير على الأرجح، الاعتراف بشكل أكثر وضوحا بمسؤولية الدولة الجمهورية الفرنسية بالممارسات الاستعمارية، وبالإمكان أن يتم تحقيق في هذا الجانب تقدما محسوسا. ومن جهة أخرى أعتقد أن العشرية الماضية بفرنسا شهدت الكثير من أعمال الاعتراف بالجرائم الاستعمارية، كان هناك خطاب قسنطينة )...( والاعتراف بالطابع العسكري للصراع حتى يتسنى لنا التوقف عن الحديث عن »أحداث شمال إفريقيا« ونتكلم حقا عن »حرب بالجزائر«. هناك بالفعل معالم صغيرة قد وضعت وإذا ما قمنا بتوصيلها ببعض سندرك أن الدولة الفرنسية قد اعترفت بمسؤوليتها الاستعمارية، ربما ما ينقص الآن هو خطاب رئيس الدولة يركز حقا على هذه المسألة، لقد بدا فرانسوا هولاند ملتزما خلال حملته الانتخابية والأكيد أن وصوله بشكل عام سيغير الأجواء.