اندلاع الحرب في سفوح القوقاز، فتح أبواب الزحف الروسي على مصراعيه دفاعا عن بقايا نفوذ إمبراطورية منهارة ،ودخلت جورجيا في ساحات مواجهة فاشلة بتحريض أمريكي رغبة في استرداد إقليمي اوستيا الجنوبية أبخازيا المنفصلين منذ انهيار الاتحاد السوفيتي . ودوافع الحرب التي فاجأت العالم هي محاصرة الدب الروسي العازم على لململمة ما يمكن لملمته من هياكل إمبراطورية الاتحاد السوفيتي المنهارة، والاتساع بمناطق نفوذه في مواجهة هيمنة القطب الواحد المتمركز في واشنطن..لكن روسيا استبقت كل التوقعات وخرجت بدولتي سارعت إلى الاعتراف بهما: أوستيا وابخازيا. واوستيا الجنوبية التي تدير شؤون إقليمها بنفسها منذ اندلاع حربها من اجل نيل الاستقلال عن جورجيا عام 1991- 1992 ،لم يعترف احد بإعلان استقلالها،حتى روسيا التي تحافظ على وجودها العسكري في الإقليم، كغطاء لضمان وجود شرعي لها يوقف طموحات جورجيا الموالية صراحة للغرب الأمريكي، وتحظى بدعم أوروبي كبير. وتوافرت عوامل اندلاع حرب أهلية في استونيا الجنوبية فشعبها عبارة عن جماعة عرقية مميزة تنحدر أصلا من السهول الروسية جنوب نهر دون..ودفعت بهم موجات المغول جنوبا نحو جبال القوقاز فاستقروا على الحدود مع جورجيا في القرن الثالث عشر الميلادي، وترغب هذه الجماعة في الارتباط بالمنحدرين من اصولهم في اوسيتيا الشمالية، وهي جمهورية تخضع للحكم الذاتي داخل الاتحاد الروسي ولا يشكل الجورجيون الأصليون إلا أقلية داخل اوسيتا الجنوبية لا تصل إلى أقل من ثلث السكان. وأبخازيا مقاطعة ذاتية الحكم تقع في شمال غرب جورجيا بالقوقاز على شمال البحر الأسود، كانت قديما تعرف عند العرب بلاد الاباظه، اندلعت بها حركة انفصالية كبيرة تسببت في العديد من التقلبات، لتعتبر نفسها جمهورية مستقلة عن جورجيا، دون أن تحظى باعتراف دولي. والرئيس الجورجي ساكاشفيلي الذي جاء إلى كرسي الرئاسة 2004 بقطارأمريكي والمحصن سياسيا واقتصاديا ،فشل في جر الإقليمن إلى الحوار وإقناع أهلهما بالحكم الذاتي داخل دولة جورجية واحدة. وفشل ساكاشفيلي في اوستيا و ابخازيا ، مع احياء مناطق النفوذ الروسي ، عوضه بإعلان حلف شمال الأطلسي (الناتو) في افريل عام 2008 السماح لجورجيا بالانضمام للحلف، فوضع نفسه في مواجهة الغضب الروسي لتمدد الحلف شرقا. وساكاشفيلي، الرئيس الذي اندفع دون حسابات داخلية دقيقة وهو يعلن الحرب لاسترجاع إقليم منفصل اختار أن يكون واجهة مفضوحة لحلف شمال الأطلسي ،ووسيلة لجر روسيا إلى حروب كفيلة باستنزاف طاقاتها وقدراتها التي أبقتها ولو نسبيا في موقع الند القابل للنمو إزاء القطب الأمريكي الأوحد، ووضع جورجيا دون وعي بين فكي تمساح لا يرحم.