عاتبني بعض الأصدقاء على مقال أول أمس المعنون " الحكومة عدوة الإستثمار " ، وقيل لي أن الموضوع ليس بالشكل الذي " بالغت " فيه أنا. تناقشنا وهضم كل منا رأي الآخر مع تمسكه برأيه، وهذا شيء طبيعي. ويوم أمس نشرت الصحافة الجزائرية خبرا مفاده أن رئيس الحكومة السيد أحمد أويحيى ، أمر وزير الطاقة والمناجم السيد شكيب خليل بالشروع في تطبيق الإجراءات الجديدة للإستثمار، التي تقضي بأن يكون للجزائر في كل عقد مع شركة أجنبية أو رأسمال أجنبي نسبة تتراوح بين 51 و 70 بالمئة، مقابل نسبة للشريك الأجنبي بين 30 و 49 بالمئة. والحقيقة أن الحكومة أي حكومة في العالم ترسم القوانين التي تراها في خدمة بلادها، ومن حق أي حكومة أن تحدد نسبة المشاركة للرأسمال الأجنبي في أي مشروع تقره ، وعلى الشريك الأجنبي أن يقرر الإستثمار من عدمه. ومن واجب الحكومة أن تسهر على حق المواطنين وحمايته. وهذه قضية لا يمكن أن نجادل فيها. فالولاياتالمتحدةالأمريكية رائدة الديمقراطية الغربية منعت في عام 2001 بعض الصحف من اختيار أسامة بن لادن رجل العام بسبب تفجيرات 11 سبتمبر 2001، وقالت لا يصح أن يختار " إرهابي " رجل العام في الصحافة الأمريكية. والولاياتالمتحدة رائدة الإقتصاد الحر في العالم، منعت موانئ دبي من تسيير موانئ الولاياتالمتحدةالأمريكية رغم فوزها في مناقصة دولية شفافة عام 2007. لأنها مؤسسة من دولة عربية ومسلمة، والإرهاب أصبح لصيقا بالعرب والمسلمين. لكن الولاياتالمتحدة عندما منعت موانئ دبي منعتها من البداية، ولم توقع معها أي اتفاق شراكة، لتعيد النظر فيه في منتصف الطريق. وطبقا للقانون الجزائري الجديد، أمر رئيس الحكومة وزير الطاقة والمناجم بإعادة النظر في حصة الجزائر في مشروع الأليمنيوم بعين تيموشنت مع " مجموعة مبادلة – دوبال الإماراتية " ، وتحوز فيه شركة سوناتراك على30 بالمئة، بينما تظفر دوبال – مبادلة ب 70 بالمئة. وتقدر قيمة المشروع بين 5 – 8 مليار دولار، وتم التوقيع على الإتفاقية منذ نحو عام كامل، وهو مشروع من المفترض أن يكون أكبر مصنع في إفريقيا، وقد أعلن أنه سيقوم بالتصدير حتى إلى الدول الأوروبية.، في حين يقوم بخلق الآلاف من مناصب الشغل بشكل مباشر، وآلاف أخرى بشكل غير مباشر. وفي السياق نفسه سيتم إعادة النظر في مشاريع أخرى مع شركاء أجانب مثل مجموعة " كمياء – باكستان " لإنتاج مشروع الأسمدة الفوسفاتية ببوشقوف في ولاية قالمة، وغيرها. وهنا يكمن المشكل، إعادة النظر في مسار شراكة انطلق طبقا لقوانين محددة، وجاء الشريك وأنفق ما شاء الله من الدولارات والأورو ، ثم نعلن أن ذلك القانون لم يكن صالحا، وأنه يجب إعادة النظر فيه، وفي الشراكة من أصلها. بما يعطل المشاريع ويزيد في التكلفة مستقبلا، وربما يفقد مصداقية الدولة. هذا فقط ما أردنا قوله، وكان الله في عون الحكومة. [email protected]