لا طريق للفلسطينيين المكبلين بمساوئ الحالة السياسية الراهنة سوى طريق الحوار المتجه بنوايا صادقة نحو ردم فجوات التباعد الفاصلة بين الشعب الفلسطيني في قطاع غزة المحاصرة والضفة الغربية المتلقية لضربات السوط الإسرائيلي، لاستعادة مقومات حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" التي كان لها شرف إطلاق الرصاصة الأولى في إعلان الثورة الفلسطينية، قبل أن تنزلقا في منحدر سياسي أبعدهما عن مبادئ ثورة التحرير الفلسطينية.. و"حماس" باقية هنا في غزة، لن يتمكن كائن من كان من إلقائها في البحر، هي أمر واقع في خارطة الوجود الفلسطيني الراهن، وفرضت وجودها كحركة مقاومة، تحكمها مبادئ أصولية ثابتة، ورغبتها في البقاء دفعها إلى تقديم كل التنازلات الممكنة.. دون أن تلقى صدى لتنازلاتها غير المحسوبة بميزان أصولي حتى صار إشهار السلاح في حركة انقلابية الخيار المتبقي الوحيد لها للدفاع عن وجودها غير المرغوب به دوليا. و"فتح" المؤتمنة على إرث النضال الفلسطيني، فقدت حضورها في خارطة الوجود الفلسطيني المالك لمفاتيح ما يشبه سلطة ذاتية تحرك لعبة السلام الوهمية في إقليم الشرق الأوسط.. لم تستوعب وجودها بعيدا عن مراكز القرار السياسي، وهي تبحث عن الوسيلة الأمثل في اختصار طريق العودة إلى سلطة عرجاء.. فلسطين بلا مقومات في ظل الخلاف بين فتح وحماس.. العقائديون فيها والثوار الوارثون لمبادئ أوسلو بعيدون عن مبادئ تحرير الأرض المغتصبة ..وكشفوا عن أنفسهم أنهم مجرد أدوات مغلفة بلباس الثوار، يعتاشون على إطلاق أكبر كم من الرصاص الحي في مواسم الانفلات الممتدة في الزمن الفلسطيني الرديء. "حماس" قادرة على توجيه عقائدييها المدججين بسلاح المقاومة نحو حوار وطني متكافئ.. وتؤكد عمق موقفها العقائدي وحيوية مبادئها من مشروع وطني يعيد ثوابت الأشياء إلى الإنسان الفلسطيني المشرد.. فهي ليست أداة سياسية تتحرك في لعبة المصالح الإقليمية على حساب فلسطين.. ولم يكن همها الوحيد التمسك بهيكل سلطة تستطيع "إسرائيل" أن تجعلها في مهب الريح متى ما تشاء.. "فتح" المندفعة بخسائر نكباتها السياسية وانجرارها في قنوات تصريف مياه أوسلو قادرة على إحياء كل أوراق ذاكرتها النضالية وإنقاذ "شعب فلسطين" من محرقة لا تنطفئ.. ضمنت كوندوليزا رايس وقودها عبر ممرات عربية.. و"محمود عباس" الرئيس الذي ألغى معركة دحر "حماس" اتجه إلى تحرير خطابات المصالحة الوطنية، التي تغلق قنوات جريان الدم الفلسطيني المسال في ليال سوداء.. ويتجه الخصوم في المضارب الفلسطينية إلى إغلاق غرف العمليات القتالية في دهاليز غزة، وهم يخوضون في حوار تحتضنه القاهرة الآن هو الخيار الفلسطيني الأوحد من أجل إعادة الهيبة للقضية الفلسطينية.