الحوار الفلسطيني-الفلسطيني او بالمعنى الأصح الحوار الحمساوي –الفتحاوي في ظل فجوات التباعد القصوى غير القابلة للردم لم يعد ممكنا حتى في حدود التعاطي مع المأزق السياسي الداخلي و رد العدوان الإسرائيلي الهمجي... فقد تفاقمت المشكلة الفلسطينية في الداخل حتى وصلت إلى طرق مزدحمة بالحواجز والعراقيل التي تثقل كاهل الشعب الفلسطيني الباحث بين فتات السياسة الدولية عن رغيف خبز حرم من اقتنائه،و أمن إنساني هو الأبعد من الآفاق .. موازين أخلاقيات المجتمع الدولي اختلت وقوة "حماس" في الشارع الشعبي لا تطعم جائعا، وقوة الرئيس محمود عباس المستمدة من الضخ الدولي لحدود طاقاته السياسية عجز عن استثمارها في الداخل الفلسطيني لاحتواء المآساة التي تعم غزة والضفة الغربية في ظل عدوان جائر وحصار جوع يلقي بظلاله على متغيرات المواقف السياسية المبدئية... وعجزت قوة الشحن الدولي التي يتلقاها الرئيس محمود عباس عن رفع سقف خيارات التعامل مع الأزمة الداخلية وتعقيداتها، أو وقف همجية الآلة العسكرية الإسرائيلية.. رغم استخدامه ل"صلاحياته الدستورية” بقبول قرار مجلس الأمن غير الملزم والمبادرة المصرية معا. وخيار فتح حوار متكافئ بين الفصائل المتناحرة، هو خيار لن يكتمل فصاله على مقاسات الواقع السياسي المعقد بما يجعله عقبة أخرى ستلقي بأثقالها في الشارع الفلسطيني.. فالمطلوب دوليا هو ضمان أمن"إسرائيل" ووضع القوى الفلسطينية في نطاق السيطرة الأمريكية-الإسرائيلية.. و انقلاب "حماس وعزلها لم يفك العقدة المتمثلة باعتراف الحكومة الفلسطينية بالاتفاقات "الإسرائيلية الفلسطينية" المبرمة.. باعتبار أن برنامج أي حكومة فلسطينية أو حكومة توافق وطني كما يراد لها لضمان النجاح في إدارة شؤون السلطة الفلسطينية يجب أن يستند إلى الشرعية الفلسطينية والشرعية العربية والشرعية الدولية ويلتزم تماماً بالاتفاقات الموقعة في الماضي من قبل السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. وشروط الحوار الوطني الذي تتبناه المحاور المتحركة في الشرق الأوسط هو الالتقاء مع مبادئ الإرادة الدولية المتنفذة ،وهذا ما يجعل الحوار ابعد من مدى بصر حركة "حماس" التي لم تلتق مع أي من الشرعيات الدولية والعربية والفلسطينية ، والمرونة السياسية المعهودة في الحوارات القادرة على تليين المواقف المعلنة ظلت عاجزة عن تغير ألمواقف"ألعلمانية والأصولية" . و"حماس" التي تمتد حولها شروط العزلة لم تسلم بحقها المشروع وهي تستخدم كل الخيارات التي تحمي وجودها السياسي وتحافظ عل توجهها العقائدي في ظل دعم إقليمي يراهن على دورها في تحقيق مكاسب سياسية منتظرة ... والموقف الفلسطيني بهذا المعنى قد تجاوز حدوده الجغرافية في غزة والضفة الغربية وهو يتحول إلى أداة مساومة في صراعات إقليمية دولية جعلت من شعب غزة وقودها.