الجامعة العربية ستعود إلى العراق لأن مصر أرسلت وزير خارجيتها إلى بغداد في زيارة وصفت بأنها تاريخية، وما يثير السخرية هو هذا التبرير الذي قدمته الجامعة المصرية الموسومة بالعروبة هو القول بأن عودة البعثة إلى المنطقة الخضراء يدخل في إطار تعزيز الوجود العربي في العراق. عندما نسمع حديثا عن تعزيز الوجود العربي في العراق نفهم أن المقصود هو الوقوف في وجه الزحف الإيراني، لأن الوجود الذي تمثله مصر ودول الخليج والجامعة التي تأتمر بأمرهم لا يمكن أن يكون من أجل تحرير العراق لأن هؤلاء شركاء في الغزو والاحتلال، ولا نفهم كيف يمكن أن يقف دبلوماسي عربي لا حول له ولا قوة في وجه إيران بمجرد أن يذهب إلى بغداد ويقول إن العرب ممثلون فيها، فإيران لها سفارة هناك كبقية الدول وهي تسيطر على الحكومة وعلى كثير من الميليشيات والمسلحين وهي تعمل على تغيير هوية مناطق كاملة في العراق، وأمريكا التي أمرت العرب بالذهاب إلى بغداد لا تمانع أبدا في أن تستمر إيران في هذا النهج إن هي احترمت المصالح الأمريكية هناك، وإيران لا تدعم نفوذها بالدبلوماسيين أو وفود المغنيين والراقصات وفرق كرة القدم بل تدعمه بالمال والسلاح وبالتدريب العسكري والتكوين العقائدي لعشرات المنظمات وبإرسال مئات عملاء المخابرات وأرباب المال للشراء كل ما هو قابل للبيع. العرب عندما قرروا دعم الحكومة العميلة في بغداد عن طريق إرسال سفرائهم الذين قد تتم تصفيتهم في أي لحظة، فعلوا ذلك نزولا عند رغبة الرئيس الأمريكي، فأوامر السيد بوش تطاع حتى وهو يضع قدمه بالفعل خارج البيت الأبيض، وإيران هي العدو الوحيد الذي لا يمكن أن نقف في وجهه إلا من خلال تزكية الاحتلال الأمريكي وتنفيذ خططه المشبوهة. لا أحد كان يتوقع من مصر والأردن ودول الخليج مواقف أخرى غير التي تم اتخاذها منذ بداية التحضير لغزو العراق لكن أن يتم جر العرب عنوة إلى أحضان الاحتلال من خلال جامعتهم فهذا يسقط آخر ما بقي من ستر عن عورة هذه الجامعة المشبوهة.